أوسيمين وحمل الإرث الثقيل بعد الخيبة الكبرى
لم تكن خيبة الإقصاء من سباق التأهل إلى كأس العالم 2026 مجرّد سقطة عابرة في تاريخ الكرة النيجيرية، بل جرح مفتوح في ذاكرة منتخب اعتاد المنافسة ورفض دائماً البقاء خارج دائرة الكبار.
لذلك، جاء الفشل المونديالي صدمة لهوية كروية تأسست على الحضور لا الغياب. وفي كرة القدم، حيث لا يعرف الفراغ طريقه طويلاً، يظهر لاعبون يصنعون الفارق داخل الملعب، وآخرون يتحوّلون إلى مرآة لأحلام أمة بأكملها، وفيكتور أوسيمين يمثل النموذج الثاني. لم يختر هذا الدور، لكن مسيرته وضعته في مواجهة إرث نيجيري ثقيل، ازداد وطأة بعد الخيبة الكبرى.
ورغم أنّ عقلية اللاعب كثيراً ما اصطدمت بعقبات أعاقت مسيرته، وخصوصاً أزماته مع نابولي، فضلاً عن الإصابات التي لاحقته، فإنّ عام 2025 قدّمه بنسخة أكثر نضجاً وصلابة.
بعد انتقاله إلى غلطة سراي، ظل تأثيره حاضراً في كل مباراة شارك فيها عقب عودته من الإصابة، ليؤكد أنّ الغياب لم ينل من شراسته أو حضوره الذهني. أرقام العام تعكس ذلك بوضوح، إذ وصلت مساهماته التهديفية إلى 51 في 50 مباراة فقط، في دلالة على مهاجم يعرف طريق المرمى حتى في أصعب الظروف.

القفزة الأوضح في مسيرة أوسيمين هذا العام جاءت أوروبياً؛ فالمهاجم النيجيري دخل بقوة في صراع لقب هداف دوري أبطال أوروبا، بعدما سجل ستة أهداف في أربع مباريات فقط، متفوّقاً من حيث المعدل على أسماء بحجم كيليان مبابي، الذي سجل 9 أهداف، وإرلينغ هالاند الذي اكتفى بستة أهداف في العدد نفسه من المباريات. هنا لا تتحدث الأرقام عن الغزارة فقط، بل عن الكفاءة، وتضع أوسيمين في قلب النقاش القاري كأحد أكثر المهاجمين قوة.
ورغم ذلك، تبقى الحقيقة الأكثر قسوة أنّ أوسيمين لا يستطيع حمل هذا الإرث وحده. كرة القدم الحديثة لا تُكسب بنجم واحد، مهما بلغت قيمته. نيجيريا تحتاج منظومة تليق بمواهبها، وحينها فقط يصبح أوسيمين رأس حربة مشروع حقيقي، وليس مجرّد طوق نجاة موقتاً. كأس أمم أفريقيا 2025 ستكون لحظة فاصلة: إما استعادة للهيبة، وإما تأكيداً على أنّ الأزمة أعمق من لاعب واحد.
نبض