راشفورد وأنتوني من ظل مانشستر إلى "شمس" إسبانيا
لا تزال الأيام تكشف أن مانشستر يونايتد يعاني مشاكل أعمق من النتائج السلبية وتراجع المستوى، فالتخبط الإداري وسوء التخطيط شكّلا حجر الأساس الذي بُنيت عليه الحقبة المظلمة التي يعيشها النادي العريق حالياً.
أنتوني، الذي وُصف طويلاً بأنه صفقة فاشلة، وجد نفسه في دوامة الإعارات المتتالية قبل أن يرحل نهائياً إلى ريال بيتيس. أما ماركوس راشفورد، الذي لُقب بـ"الفتى الطائش" بعد أن فقد بريقه بسبب سلوكه خارج الملعب، فقد كان بحاجة إلى بداية جديدة. واليوم، يعيش الثنائي واحدة من أزهى فتراتهما الكروية في ريال بيتيس وبرشلونة توالياً.
منذ انطلاق الموسم الحالي، بدأ راشفورد وأنتوني بكتابة فصل جديد من مسيرتهما، بعد أن وجدا ما افتقداه طويلاً في إنكلترا: الحرية والثقة. وبعد سنوات من التذبذب داخل جدران "أولد ترافورد"، بين ضغوط الإعلام وتقلّب المدربين وتراجع الأداء الجماعي، قررا أن يطويا صفحة الماضي ويبحثا عن بداية أكثر صفاءً بعيداً من الضجيج. وكانت إسبانيا وجهة غير متوقعة، لكنها تحولت سريعاً إلى محطة استعادة الهوية المفقودة.

في "لا ليغا"، بدت خطوات راشفورد أكثر خفة، وملامح أنتوني أكثر اتزاناً. كلاهما تحرّر من قيود المقارنات والانتقادات، وبدأ يقدم كرة قدم أقرب إلى طبيعته الأولى: سريعة، جريئة، ومليئة بالشغف.
كان راشفورد مطلباً مباشراً من المدرب الألماني هانسي فليك، الذي رأى فيه قطعة مثالية لمشروعه الجديد في برشلونة. وسرعان ما أثبت اللاعب صحة رؤية مدربه، مقدّماً أداءً يجمع بين السرعة والقوة البدنية والفعالية أمام المرمى.
وخلال فترة قصيرة استعاد الإنكليزي كل السمات التي جعلته يُلقّب يوماً بخليفة واين روني، ليصبح اليوم إحدى الركائز الأساسية في منظومة فليك، ومن أبرز المساهمين في أهداف الفريق وصناعتها. راشفورد الذي وُصف سابقاً بأنه "الابن الضال" أصبح نجماً ناضجاً يقوده الطموح والعقلية الجديدة نحو مجد حقيقي.
أما أنتوني، فقصته مع ريال بيتيس تجسّد المعنى الكامل لإيجاد المكان المناسب. كانت إسبانيا بالنسبة إليه التربة التي أزالت الغبار عن جوهره، ليعود إلى التألق بمهارته وسرعته ومراوغاته المميزة.
وشارك البرازيلي في 26 مباراة مع بيتيس منذ الموسم الماضي سجل خلالها 9 أهداف وصنع 5، بينما في الموسم الحالي، الذي لم يمضِ منه سوى بضعة أشهر، أحرز 5 أهداف وصنع هدفين خلال 9 مباريات فقط. وفي المباراة الأخيرة أمام مايوركا، خطف الأضواء بتسجيله هدفين وصناعة الثالث، ليؤكد أن إسبانيا كانت تماماً ما يحتاجه ليستعيد وهجه.
ربما لم يتغير راشفورد أو أنتوني بقدر ما تغيّر المكان من حولهما، فالموهبة كانت دائماً هناك، لكنها كانت تنتظر فقط "البيئة التي تُنبت ما في الإنسان من ضوء"، وهكذا تحوّل ظل مانشستر القاتم إلى شمس إسبانية دافئة، أنارت مسيرة ثنائي وجد أخيراً مكانه الصحيح ليُخرج أفضل ما فيه.
نبض