اسألوا الأيّام المقبلة

اسألوا الأيّام المقبلة
منزل مدمّر في شبعا في جنوب لبنان. (أ ف ب)
Smaller Bigger
المسألة اللبنانيّة والمسألة الفلسطينيّة: ليس من طريق إسرائيل تأتي الحلول، ولا من طريق إيران. ولا بالحروب. ولا بالأرض المحروقة. ولا بالأرض الخراب، ولا بالتهجير. ولا بالترانسفير. ولا بالنزوح. ولا بالإسناد. ولا بالمشاغلة. ولا أيضًا – وهنا طامةٌ مستجدّةٌ فادحة – من طريق ما يُسوَّق له في نيويورك وواشنطن وباريس والعواصم الكبرى، وتُطلَق عليه تسمياتٌ غامضة وملتبسة بل ماكرة، من مثل الهدنة الموقّتة.
 
الحلول لا تكون بالترّهات والتخرّصات والأكاذيب والضحك على الذقون، ولا بالتمويه، ولا بالتعويم، ولا بالمغمغة، ولا بالتهرّب من الحقائق الدامغة، ولا بالتحايل، ولا بالتعامي، ولا بمحاولة إنقاذ طرف. وأطراف. بل بإنقاذ لبنان. والناس. وبإنقاذ فلسطين. وناس فلسطين. وهذا وذاك للأسف، ليسا متوافرَين، وليسا مطروحَين للمناقشة في الأمم المتّحدة، ولا في مجلس الأمن، ولا في الكواليس والأروقة الأمميّة والدوليّة.
 
مخطئٌ من يتوهّم أنّ الحلّ (اللبنانيّ) سيتمّ من خلال القضاء (الإسرائيليّ) على "حزب الله". ثمّ، مَن قال إنّه يُراد حقًّا وفعلًا القضاء على "حزب الله"، (و"حماس")، وتركيع إيران. المسائل كلّها مطروحة في السوق. ومن الجهتين. والجهات كلّها. إسألوا مراكز الأبحاث والدراسات (العميقة). واسألوا صنّاع المصالح والصفقات والعقود. وهؤلاء وهذه لا يُحصَون ولا تُحصى.
 
الحلول لن تأتي بهذه الطريقة. إسرائيل لن تأتينا بحلول. ولا إيران. ولا "حزب الله". ولا "حماس". ولا الولايات المتّحدة. ولا فرنسا. لن يكون ثمّة حلٌّ بهذا الطريق، ولا بهذه الطريقة. لا تصدّقوا "المبادرة" التي أوكل تسويقها (رسميًّا) والترويج لها، إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال، ووزير خارجيّته. هراءٌ هذا كلّه. ومسخرة. لا أحد في العالم "يقرأ" مراسيل رئاستَي مجلسنا وحكومتنا... إلّا إذا كان ثمّة مصلحة إسرائيليّة – أميركيّة مع إيران. كلّ ما يُشاع عن مشروع حلّ، لا يعدو كونه عمليّة تخدير، وبيع وشراء بالمفرّق، وهرب إلى الأمام، ومقايضة. إنّما لا تُقصَد به الحلول النزيهة والجذريّة، بل يُقصَد به أيّ شيء، وكلّ شيء، وهو سيتمّ فقط على حساب لبنان. والناس في لبنان. 
 
لبنان - الدولة ليس مطروحًا على أيّ طاولة للنقاش. ولا دولة فلسطين موجودة على بساط البحث. لا أحد يريد حلولًا للبنان، ولا أيضًا لفلسطين. أليس لهذا السبب، لم يهبّ أحدٌ إلى انتشال لبنان (ولن) من تحت ركاماته الأبديّة والراهنة؟ ولا فلسطين؟ أليس لهذا السبب، لا أحد هبّ لإنقاذ طفلٍ واحدٍ في فلسطين، فكيف بالآلاف المؤلّفة!؟
 
نحن في لعبة الشطرنج الجهنّميّة هذه، في لبنان وفلسطين (وسوريا والعراق واليمن والسودان)، أحجارٌ ثانويّة متفرّقة. تُحرَّك إلى الأمام، وإلى اليمين واليسار، وإلى الوراء. وتُحرَق، إذا اقتضى ذلك. ويُضحَّى بها. من أجل حماية "الملوك". 
 
في لعبة الأمم المتوحّشة لا أرى إلّا كبش محرقة. لبنان كبش محرقة. وفلسطين.
 
وصدِّقوني: لا أحد تهمّه فلسطين. ولا لبنان.
 
مرّةً أخرى، الحلّ الحقيقيّ هو الحلّ العاقل، أي بالعقل، وهذا الحلّ لا يُجترَح، على المستوى اللبنانيّ، إلّا في الداخل اللبنانيّ (برعايةٍ دوليّة، لمَ لا). ولكي يُجترَح، يجب أنْ تكون الولاية في لبنان هي للعقل وحده دون سواه. لا قيامة للبنان إلّا بالعقل.
 
إلى هذه اللحظة، لا يزال العقل بعيد المنال. وليس ثمّة ما يدلّ على أنّ أحدًا يريد الاستنجاد به لإنقاذ لبنان، والناس في لبنان. 
لبنان الدولة، هو لبنان ولايةً للعقل. 
 
الأمر نفسه في فلسطين. 
 
وستظلّ إسرائيل، غير آمنة، مهما فحشت آلتها حقدًا وعنصريّة وقتلًا وإبادةً وتدميرًا واستئصالًا، بمعيّة آلات القتل في العالم. وهي ستظلّ غير آمنة، وغير صالحة للحياة، إلى أنْ تسلّم بالولاية للعقل، حيث حقّ فلسطين في الوجود الدولتيّ والقانونيّ على أرض فلسطين، هو ولاية العقل مطلقًا.
 
حتّى هذه اللحظة، ليس ثمّة أحد، هنا، وفي الإقليم، وفي العالم، مَن يولي "هذا الحلّ" اللبنانيّ، و"هذا الحلّ" الفلسطينيّ، أيّ اعتبار.
 
إسألوا الموتى والشهداء والقتلى والأحياء.
 
... والأيّام المقبلة.
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.
اقتصاد وأعمال 12/11/2025 10:44:00 AM
تكمن أهمية هذا المشروع في أنه يحاول الموازنة بين 3 عوامل متناقضة: حاجات المودعين لاستعادة ودائعهم بالدولار الحقيقي، قدرة الدولة والمصارف على التمويل، وضبط الفجوة المالية الهائلة التي تستنزف الاقتصاد