"ما وراء اللوحة"... راوية غندور زنتوت لـ "النهار": حين تتحوّل الألوان إلى إحساس وتجربة (صور)
ليس الفن مجرد لوحات عابرة، بل رسائل تحمل في طياتها مشاعر وتجارب وأحاسيس الفنان. وهذا بالضبط ما يتجلّى في معرض "ما وراء اللوحة" (Behind the Canvas) للفنانة اللبنانية راوية غندور زنتوت في وسط بيروت، حيث تتحوّل كل لوحة إلى مساحة للتأمل والاكتشاف.
كل لوحة في المعرض أخذتني إلى عالم مختلف من الألوان والطبقات، ودفعتني إلى التساؤل: "ماذا تحاول زنتوت أن تجسد في هذه اللوحة؟". فعلى سبيل المثال، لوحة سيطر عليها اللون الأبيض ممزوجاً بالألوان الترابية، اتضح أنها تمثل شروق الشمس وتحمل عنوان "همسات الفجر الذهبي".

تماماً كما ترغب زنتوت، يغوص المشاهد في أعماق طبقات الألوان، ليشعر بكل درجة وكل لمسة فرشاة، ويكتشف الإحساس والقصة التي تنبثق من كل لوحة.
وفي حديث خاص لـ"النهار"، قالت زنتوت: "الرسالة التي أحب إيصالها إلى العالم من خلال هذا المعرض هي الطاقة الإيجابية. أحب أن يرى الناس أكثر من مجرد لوحة جميلة، وأن يتجاوزوا الشكل إلى ما وراءه، ليشعروا بالأحاسيس التي تنبعث من اللوحة".
وعن فكرة المعرض، أوضحت زنتوت أن رغبتها انطلقت من "محاولة دفع الناس لرؤية ما هو أبعد من الصور التي تمرّ سريعاً على وسائل التواصل. أردتهم أن يتعرّفوا إلى طريقة عملي، إلى الإحساس الذي أضعه في اللوحات، وإلى الطبقات والتجارب التي أمرّ بها"، مؤكدة أن "كل لوحة هنا تحمل قصة؛ بعضها يعكس توتراً وحركة، وبعضها الآخر يعبّر عن الهدوء والتفاؤل والراحة التي نطمح إليها أو نعيشها".

من الطبقة الأولى إلى اللوحة النهائية
أما عن مراحل التحضير والتنفيذ، أشارت زنتوت إلى أن كل لوحة تحتاج إلى وقت طويل، إذ تُبنى "طبقة فوق طبقة". وتضيف: "أعمل على اللوحة قرابة شهر كامل، أراقبها باستمرار، وأتأكد إن كان هناك ما ينقصها، حتى أشعر بأنها اكتملت".
وتابعت: "أبدأ باستخدام نوع من المعجون لتأسيس اللوحة، ثم تتوالى الطبقات، وكل واحدة منها تحمل قصة تقودني في النهاية إلى العمل النهائي".

وعند سؤالها عن لوحة تحمل مكانة خاصة في قلبها، أجابت: "أكثر لوحة أحبها هي لوحة مونوكرومية زرقاء، تأخذني إلى عالم خيالي وتمنحني شعوراً بالراحة النفسية والطاقة الإيجابية".
وتابعت: "أحب أن تكون لوحاتي مونوكرومية، من دون خلط مبالغ فيه، لأن كل لون يحمل طاقته الخاصة؛ الأحمر له رمزيته، الأخضر يرمز إلى الهدوء، والأزرق إلى السكينة. وفي النهاية، تبقى كل لوحاتي أشبه بأطفالي، وكل لوحة تمثّل جزءاً مني".

بورتريه بوتين في مسيرة راوية زنتوت الفنية
لم يكن دخول راوية غندور زنتوت إلى عالم الفن طريقاً سهلاً، إلا أنها أصرت على تحويل شغفها إلى مسيرة فنية غنية بالمشاركات في معارض محلية وعالمية. وتقول في هذا السياق: "شاركت في العديد من المعارض على مدى أكثر من 25 عاماً، داخل لبنان وخارجه".
أما عن تجربتها في رسم البورتريهات لشخصيات سياسية بارزة، من بينها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فتوضح في حديثها لـ"النهار": "بدأت تجربة البورتريه عندما طُلب مني رسم الرئيس فلاديمير بوتين، وقد عُلّقت اللوحة في الكرملين. قدّمت العمل بأسلوبي الخاص وبإحساسي وتقنيتي، وحقّقت هذه التجربة نجاحاً لافتاً".

أما الإلهام، فتؤكد زنتوت أنه مرتبط بالواقع والتجربة الشخصية، إذ تقول: "كل لوحة بالنسبة لي تجربة خاصة. أحب رسم ما نعيشه من أحداث وتحولات، من الثورات إلى انفجار المرفأ، مروراً بالربيع العربي، وصولاً إلى الحرب في عام 2024. وعندما لا يكون هناك موضوع محدد، أرسم ما أشعر به، فالرسم هو طريقتي في التعبير عن نفسي ومشاعري".
نبض