تحدث الفنان السوري حسام الشاه لـ"النهار"، عن المشاعر التي انتابته لحظة سقوط نظام الرئيس بشار الأسد وتطلعاته إلى "سوريا الجديدة"، كاشفاً ذكريات ثقيلة بسبب الحكم السابق لم يسبق إعلانها، على غرار اعتقاله مرتين.

وقال حسام الشاه عن إحساسه ساعة كسر القيد: "استطيع ان اختصر مجموعة المشاعر المركبة والمختلطة التي انتابتني ليلتها بجملة قالها لي أخي الأكبر بعد هروب الطاغية مباشرة «معقولة بعد هالـ 48 سنة (وهو عمري) يخلص هالكابوس بـ 8 أيام.؟» كنا نبكي فرحاً وكأننا لم نتذوّقه سابقاً. بالفعل بدأت أقرأ هذا الفرح في وجوه الناس عندما نزلنا إلى الشارع، لكن وللإنصاف فهو فرح ممزوج بقلق مما تحمله الأيام المقبلة".

ومع طي صفحة الماضي، أعرب عن أمنياته للغد: "أتمنى أن أرى دولة قانون فاعلة في محيطها وتقدم لشعبها كما يقدم شعبها لها وتنال الاحترام والتقدير من جيرانها، وأبعد من ذلك أتمنى أن أعيش في جمهورية ديمقراطية يتحدث العالم عن انتاجاتها او قيمتها من دون ان يعنيهم اسم رئيسها، فالشعب السوري أثبت في مغترباته القسرية على مر العقود أنه شعب منتج جبار يمكنه صنع الفارق".

وأما المخاوف الأبرز بالنسبة للشاه، "هي أن يبقى الموالي للسلطة السابقة موالياً للسلطة الجديدة وأن يبقى المعارض معارضاً، فنسبة «التكويع» وتبديل المواقف المقرف عند الكثيرين تثير الاشمئزاز. وكأنهم لا يستطيعون إلّا أن يكونوا عبيداً".

وأضاف: "أعلم أن ممارسة الحرية من قبل شعب مقموع طوال خمسة عقود ونيف، تمرين صعب يحتاج لوقت كي ينضج. لكن النتائج التي أفضت إليها الثورة الطويلة تخلق الكثير من المخاوف التي لا أرى سبيلاً لعلاجها إلا بالحفاظ على القناعات المفيدة والمجدية ورفع الصوت عالياً ضدّ أيّ تجاوز بل والمساهمة الفعلية لبناء دولة تعددية مدنية قوية كما يستحق السوريون".

ورداً على سؤال حول ما يتعرض له فنانين سوريين من موجة تخوين، أجاب الشاه: "قلتها سابقاً ومازلت أكررها لا أحد يمكنه تخوين أحد، كلنا سوريون وعلينا احترامات اختلافاتنا من دون إساءة أو إجرام. وأنا على الصعيد الشخصي تعرضت كثيراً لسؤال وملامة من الكثيرين من جمهور المعارضة عن عدم تصريحي ضد النظام البائد مع ملاحظتهم الدقيقة أنني ما مدحته ولا صفّقت له، جوابي كان ببساطة أنّ الكلّ شاهد فظائع وإجرام سجن صيدنايا والعشرات غيره. نحن كلنا كنا نعيش في سجن صيدنايا الكبير، الفرق بيننا وبين المعتقلين الحقيقين ان من صمت بقي في الطابق العلوي يتنفس فقط، ومن تكلم وانتقد صار في الطابق السفلي. ولربما بقينا لنشهد على حكايات إسفاف وابتزاز سلطوية سنخبرها للأجيال المقبلة كي لا تُعاد. أتمنى على كل السوريين نبذ فكرة الانتقام إلّا من المجرمين".

ولا بد من الإشارة إلى تعرض الشاه إلى ظلم كبير في الكواليس التي لم تظهر إلى العلن سابقاً: كانت غصة في حلقي أن أتحدث سابقاً عن اختطافي من قبل إحدى المجموعات المنفلتة في بداية الثورة، من دون أن أتمكن حينها من فضح اعتقالي مرتين واستدعائي للتحقيق مرات عديدة في فروع مخابرات النظام المجرم. كان من المؤلم جداً تعرضي للإساءة على شبكات التواصل الاجتماعي، من دون أن أستطيع الردّ او قول الحقيقة كاملة، فأنا أعيش في الشام وأه كم سكتت الشام وأهلها وكل مدن سورية عن حكايات مرة من أجل لاستمرار الحياة. الحياة التي كانت تشبه الموت البطيء".