60 عاماً على Nostra Aetate: تحوّل تاريخي في علاقات الأديان الحلبي والسمّاك يرويان لـ"النهار" روحية الوثيقة ودور لبنان فيها

سياسة 08-11-2025 | 16:00

60 عاماً على Nostra Aetate: تحوّل تاريخي في علاقات الأديان الحلبي والسمّاك يرويان لـ"النهار" روحية الوثيقة ودور لبنان فيها

 "الفاتيكان كان يعتبر أن الكاثوليكية هي الدين الوحيد، وما عدا ذلك أمور ملحقة، إلى أن أتت الوثيقة واعترفت بالدين الإسلامي وبالفئات المسيحية الأخرى"
60 عاماً على Nostra Aetate: تحوّل تاريخي في علاقات الأديان الحلبي والسمّاك يرويان لـ"النهار" روحية الوثيقة ودور لبنان فيها
ذكرى 60 سنة لإصدار وثيقة "في عصرنا NOSTRA AETATE" في بكركي
Smaller Bigger

قبل 60 عاماً، صدرت وثيقة "في عصرنا": Nostra Aetate. وقد استذكرت بكركي هذه الروحية ضمن احتفالية في الصرح شارك بها رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية على السواء أو من يمثلهم. 

 

عام  1965، شكلّت الوثيقة إعلاناً رسمياً صادراً عن المجمع الفاتيكاني الثاني، وتناولت العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية والديانات غير المسيحية. فماذا بقي من تلك الروحية في زمننا؟

 

 

ذكرى 60 سنة لإصدار وثيقة
ذكرى 60 سنة لإصدار وثيقة

 

يوجز رئيس الفريق العربي للحوار الإسلامي - المسيحي الوزير السابق عباس الحلبي مضمون الوثيقة بأن "الكنيسة الكاثوليكية قالت للمرة الأولى كلمتها عبر هذه الوثيقة في مسألة التعددية الدينية ومصير الأديان الأخرى في تدبير الخلاص، وأبدت كل الاحترام والتقدير للدين الإسلامي وللمسلمين عموما والاعتراف بوضعهم الديني المميّز".

 

ويلاقيه الأمين العام للجنة الحوار المسيحي - الإسلامي محمد السماك بالقول: "هي أهم وثيقة صدرت عن الفاتيكان في القرن العشرين، فقد مدّت الجسور الإيمانية مع الأديان الأخرى، وخصوصا الإسلام، إلى أقصى الحدود، وكذلك مع الكنائس المسيحية الأخرى، الأرثوذكسية والإنجيلية".

 

 


لا يتردد السماك في الإشارة إلى أن "الفاتيكان كان يعتبر أن الكاثوليكية هي المسيحية، والمسيحية هي الدين الوحيد، وما عدا ذلك أمور ملحقة، إلى أن أتت الوثيقة واعترفت بالدين الإسلامي وبالفئات المسيحية الأخرى، الأرثوذكسية والإنجيلية، وبأن ليس كل اليهود مسؤولين عن صلب المسيح".

 

يضع الحلبي الوثيقة في إطارها: "هي ضمن سلسلة وثائق المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي عقد بين 1962 و1965، والذي قسم إلى خمس فقرات. وقد استطاعت هذه الفقرات أن تفتح كوة صغيرة في الجدار الفاصل بين الكنيسة الكاثوليكية وسائر الديانات، وتحديدا بين الديانتين المسيحية والإسلامية، فالمجمع يتحدث عن الإسلام من حيث انتماؤه إلى التراث الديني اليهودي المسيحي المشترك، ويعتبر أن الكنيسة الكاثوليكية ليست الطّريق الوحيد لخلاص البشر".

 


وعلى الرغم من مرور كل هذه الأعوام، لا تزال الوثيقة هي الحجر الأساس. 
يرى السمّاك أنها "أسسّت لمؤتمرات إسلامية لاحقة عقدت في الأزهر، ومراكش، وعمان، وأبو ظبي وبيروت. هكذا، أعادت صياغة العلاقات الإسلامية على قاعدة الإيمان المتبادل".



لم تنفذ؟
بين الورق والشق العملي، أيّ عوائق تواجه الوثيقة؟
يؤكد الحلبي أن "وثائق المجمع الفاتيكاني فتحت الطريق، لكنها لم تحل كل المشاكل مع الإسلام والمسلمين، بسبب تبدل ظروف الزمان والمكان.

 

فالإسلام عام 1965 ليس هو نفسه إسلام اليوم. لم يكن شعور "الإسلاموفوبيا" ولد بعد في أوروبا والعالم، ولم تقع حوادث أيلول 2001 التي غيرت جذريا النظرة إلى الإسلام والمسلمين، ولم تكن بعد الحركات الإسلامية قد ظهرت وأخذت المدى الذي أخذته لاحقا، ولم يكن بعد المسيحيون يشعرون بالاضطهاد، ولم تكن كنائسهم تتعرض للحرق والتدمير. وقد كان الوجود المسيحي في الشرق حاضراً بفاعلية. ثم، كل شيء تغير وبتنا نحتاج إلى سبل جديدة وآمنة لمتابعة المسيرة الحوارية التي شقّها المجمع الفاتيكاني الثاني".

 

فأيّ سبل ممكنة؟
يجيب الحلبي: "علينا تكثيف اللقاءات والبيانات والوثائق المعاصرة التي تُحاكي واقع مجتمعاتنا وتضع الإصبع على الجرح، وتفيد عالمنا النازف وإنسانيتنا القلقة، تماما كالذي حدث بين البابا الراحل فرنسيس وشيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب اللذين وقّعا قبل عامين وثيقة "الأخوة الإنسانية" في الإمارات".

 

ويقترح "نقل الحوار من النخبة إلى الناس، من النصوص إلى السلوك، من المبادئ العامة إلى المشاريع المشتركة، لأن الحوار الذي لا يغيّر شيئا في حياة الناس، يبقى حوارا نظريا، جميلا في الصياغة، ضعيفا في النتائج. وهنا، يأتي دور المدارس والجامعات ووسائل الإعلام ودور العبادة لصناعة وعي جديد. علينا أن نستثمر في مشاريع شبابية عابرة للطوائف، تشجع الحوار البيئي والرقمي، كأدوات فعالة في العمل التطوعي وبناء الثقة والفهم المتبادل. ولا يزال لبنان مختبرا حيا لهذا التنوع".

 

هذا التطور في النظرة لا يمكن أن يكون فقط شكليا، إنما هو مسار عمل يستمر عبر الأعوام. وهذا ما تجلّى بروحية الوثيقة التي بقيت عبر العقود، والتي ستؤكدها احتفالية بكركي غداً.

 

يعلّق السماك: "مقولة ان لبنان وطن الرسالة، وفق البابا يوحنا بولس الثاني، لم تأتِ بالطبع من عبث. بل أتت في صميم أن يتولى لبنان نقل روحية هذه الوثيقة إلى العالم العربي والعالم الإسلامي كله".

 

ولكن، هل نجح لبنان، أو بالأحرى هل قام بهذا الدور؟
يجيب السماك: "يا للأسف، لا. هناك عوائق عدة. إنما لا يزال الفاتيكان يرى أن لبنان قائم على هذا الدور، وأمامه رسالة يفترض أن يؤديها، وليست زيارة البابا لاوون الـ14 المرتقبة سوى تأكيد لهذا الدور وهذه الوثيقة".

 

من هنا، تحمل احتفالية بكركي رمزية كبرى، لكونها تأتي قبل أسابيع من زيارة البابا، وينقل السماك الآتي من روما بعد لقائه الحبر الأعظم بأن الأخير "يزور لبنان بمحبة وحماسة كبيرين. وستكون الزيارة إعادة تجديد لهذا المسار الإيماني".


ويتوقف السماك عند "التوقيت اللافت للإضاءة على هذه الوثيقة، إذ إنها تأتي تزامنا مع إعادة تكوين الشرق الأوسط القائم على العنصرية والمذهبية، فيما يبدو لبنان، من خلال إعادة إحياء الوثيقة وزيارة البابا، عكس السير، لأنه يثبت مرة جديدة الوحدة والانفتاح والتلاقي".


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

كتاب النهار 12/10/2025 5:05:00 AM
بمقدار ما كان وقع المفاجأة قويا على "الثنائي" وبيئته، فإن رد الفعل أتى على عجل كما تقول أوساطه
النهار تتحقق 12/8/2025 2:57:00 PM
الصورة حميمة، وزُعِم أنّها "مسرّبة من منزل ماهر الأسد"، شقيق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. ماذا وجدنا؟ 
النهار تتحقق 12/10/2025 10:54:00 AM
ما ستشاهدونه هو سرير بسيط عليه غطاء أبيض موضوع في غرفة متواضعة، وتحته سجادة مهترئة. ماذا عرفنا عن هذه الصورة؟ 
النهار تتحقق 12/10/2025 3:23:00 PM
عذراً على قساوة الصورة. فما سترونه فيها هو وجه منتفخ، متورم، عليه آثار دماء. ماذا الذي وجدناه؟