معامل الترابة تضغط للحصول على تراخيص... الزين لـ"النهار": لا عودة إلى زمن الأذونات وتمديد المهل
منذ الأيام الأولى لتسلّم وزيرة البيئة تمارا الزين مهماتها، بدأت شركات الترابة مطالبتها بالسير بالقرار الذي اتخذته حكومة نجيب ميقاتي، والقاضي بإعطاء شركات الترابة والإسمنت أذونات لمعاودة العمل. لكن هذه الشركات فوجئت بأن الزين سعت في مجلس الوزراء إلى إبطال القرار، وهذا ما حصل، ومنذ ذلك الحين باتت الشركات مرغمة على تقديم طلب لدى وزارة البيئة يتضمن معلومات مفصلة عن العقار وخرائط له ومدة تشغيل الكسارة أو المرملة فيه، وذلك وفقا للمرسوم الذي ينظم عمل الكسارات والمرامل والذي يحمل رقم 8803، وهذه الإجراءات ليست ما اعتادته "مافيات" معامل الترابة منذ عام 1990 حتى اليوم.
بالفعل، تقدمت إحدى الشركات (شركة الترابة الوطنية -السبع) بملفها لدى وزارة البيئة لدرسه بهدف تحصيل ترخيص لمباشرة العمل في بلدتي كفرحزير وبدبهون- قضاء الكورة، لكن المجلس الأعلى للمقالع والكسارات (الذي وصله الملف عبر وزارة البيئة) لم يوافق على الطلب ضمن الصلاحيات المنوطة به، وطلب إحالته على مجلس الوزراء. ولم تعطِ وزارة البيئة الترخيص لكون الطلب المقدم من الشركة تنقصه مستندات أساسية أبرزها خرائط للعقارات المراد استثمارها.
والجدير بالذكر أن أصحاب هذه المعامل يرددون دائماً على مسامع المسؤولين أن عملهم متوقف، وهذا ما قد يهدد عملية الإعمار وحتى الازدهار في لبنان، فإلى أي مدى يمكن تجاوز القوانين والمراسيم البيئية المرعية لمصلحة الاقتصاد؟
تجيب الزين "النهار": "لا يمكن الاستمرار بالنظر إلى الضوابط البيئية في لبنان على أنها حجر تعثر النمو والازدهار الاقتصادي، وإذا استمرت هذه النظرة فالأجدى أن يتخذ القرار بإلغاء وزارة البيئة".
وعن ادعاء أصحاب معامل الترابة توقف عملهم كليا بسبب عدم نيلهم تراخيص لتشغيل الكسارات والمرامل، تقول إن "معاملهم لا تزال تعمل، بدليل استيرادهم مادة الكلينكر، لكن سعيهم إلى تشغيل الكسارات والمرامل ليس إلا لمضاعفة أرباحهم عبر استحصالهم على المواد الأولية للإسمنت من داخل لبنان".
وبحسب الزين، فإن "تقديم ملفات شركات الإسمنت حصل للمرة الأولى في تاريخ لبنان قانونا وفق المرسوم رقم 8803، وعمل الوزارة يكمن في درس هذه الملفات ووضع الملاحظات وعرضها، وفق الأصول، على المجلس الوطني للمقالع والكسارات، ومن المستحيل العودة إلى سياسة الأذونات وتمديد المهل التي كان معمول بها سابقاً".
ولا تنفي أن "المرسوم التنظيمي لهذا القطاع لم يعد كافياً، ومن الضروري إقرار قانون يضع إطاراً واضحاً ينظمه". وتكشف أن الوزارة في صدد إعداد مشروع قانون لإرساله إلى مجلس النواب.
وفي معلومات "النهار" أن الجلسات الأخيرة لمجلس الوزراء لم تخلُ من نقاشات حول هذا الموضوع، إذ أجمع بعض الوزراء في جلسة 23 تشرين الأول، مثل وزير الصناعة جو عيسى الخوري ووزير الدولة لشؤون الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والمهجرين كمال شحادة ووزيرة السياحة لورا لحود على أنه يجب بت التراخيص، أو تمديد مهلة عمل هذه الشركات وإعطاء أذونات إلى حين بت الملفات، كما أن وزير العمل محمد حيدر أبدى تخوفه من فقدان أكثر من 300 عائلة مصدر رزقها جراء إقفال معامل الترابة، لكن رئيس الحكومة نواف سلام سرعان ما اصطف مع وزيرة البيئة واقترح إنشاء لجنة يرأسها نائبه طارق متري وتتمثل فيها كل من وزارات البيئة والصناعة والداخلية (كون الأجهزة الأمنية مولجة بملاحقة أي تشغييل لكسارة دون ترخيص)، والمجالس البلدية للبلدات المعنية، وعلى هذه اللجنة أن ترفع توصياتها إلى مجلس الوزراء، وهذا ما سيحصل قريباً.
والأكثر غرابة، كان توزيع مستندات في جلسة لاحقة للحكومة، تتوجه فيها نقابة شاحنات "الترانزيت" إلى كل من رئيس الجمهورية وزيرة البيئة لطلب إعطاء تراخيص للكسارات كي تتمكن من شحن مادة الإسمنت إلى سوريا. بيد أن الأخيرة دخلت في مرحلة إعادة الإعمار وبدأت تستورد أطنان الإسمنت والترابة من الأردن وتركيا وغيرها من البلدان، مع العلم أن سعر الأسمنت والترابة في هذه البلدان أقل بكثير منه لبنان، وليس مؤكداً أن سوريا ستستورد هذه المواد من لبنان في حال فتح المقالع والكسارات.
وبالعودة إلى ضغط شركة الترابة الوطنية للحصول على الترخيص، علمت "النهار" من مصدر أمني أن الأخيرة كانت تعمل لدفع موظفيها إلى التظاهر أمام وزارة البيئة في وسط بيروت، لتعجيل بت الوزارة إعطاء التراخيص، لكنها تراجعت بعدما بلغها عبر القوى الأمنية أن جمعيات بيئية ستتظاهر في المكان عينه لضمان عدم الضغط.
نبض