كيف تحوّلت علاقة ترامب وبولتون إلى مواجهة مفتوحة؟
تفاقمت العلاقة المتوترة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره الأسبق للأمن القومي جون بولتون بعد مداهمة مكتب التحقيقات الفيدرالي لمنزل الأخير في ميريلاند.
وكانت العلاقة بين الرجلين قد ساءت بسبب الخلافات في السياسة الخارجية، إذ وصف بولتون الرئيس في مذكراته العام الماضي بأنه "غير مؤهل" لتولي المنصب.
ووفق صحيفة "نيويورك بوست"، فإن المداهمة التي استهدفت منزل بولتون كانت جزءاً من تحقيق أمني حول معلومات سرية.
وجاءت عملية التفتيش في وقت استخدم فيه ترامب صلاحيات الرئاسة استخداماً متزايدا لمعاقبة خصومه السياسيين، وفق مراقبين. واستعاد موقع "إكسيوس" تاريخ العلاقة المعقدة بين بولتون وترامب. "لست من معجبيه، إنه أشبه بالشخص التافه"، قال ترامب لوسائل الإعلام في البيت الأبيض بشأن مداهمة منزل بولتون. وأضاف: "هو شخص هادئ جداً، إلا إذا كان على التلفاز ليتحدث بسوء عن ترامب. ليس ذكياً، وقد يكون غير وطني. سنكتشف الأمر."
وكان بولتون من أبرز المنتقدين لترامب خلال فترة ولايته الأولى، ولا يزال يهاجمه على وسائل التواصل الاجتماعي وفي المقابلات الصحافية.
صباح يوم الجمعة، وقبل أن يتسرب خبر المداهمة، أعرب بولتون في منشور على منصة "إكس"عن شكوكه بشأن محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا.
وكتب: "ترامب يريد جائزة نوبل للسلام، لكنني لا أرى أن هذه المحادثات تحقق أي تقدم."

قبل البيت الأبيض
كان بولتون، المعروف بتشدده في السياسة الخارجية داخل الحزب الجمهوري، من أبرز المؤيدين لترامب خلال مقابلاته مع "فوكس نيوز" عند تولي ترامب منصبه لأول مرة.
و بدا أنه يدعم خطط الرئيس في السياسة الخارجية، ورآه البعض مناسباً له.
شراكة ترامب وبولتون
عيّن ترامب بولتون الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في عهد جورج بوش الابن، مستشاراً للأمن القومي.
جاء بولتون بديلاً من هربرت ماكماستر، الذي خلف بدوره مايكل فلين بعد إقالته في أقل من شهر.
في أيار/مايو 2018، أعلن ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وهو موقف دافع عنه بولتون بقوة.
وكان بولتون المحرك الأساسي وراء حملة "الضغط الأقصى" على إيران.
لاحقاً، أُجبرت ميرا ريكارديل، نائبة مستشار الأمن القومي وحليفة بولتون، على مغادرة منصبها بعدما طالب مكتب السيدة الأولى ميلانيا ترامب بإقالتها إثر خلاف مزعوم بينهما.
وكتب بولتون لموظفيه في بريد إلكتروني حينها: "ممتن بعمق لكل ما قدمته ميرا لمصلحة مجلس الأمن القومي، ولمعرفتها العميقة بقضايا الأمن القومي، ولتفانيها في خدمة الرئيس."
مقاومة بولتون لترامب
وكشفت تصريحات بولتون العلنية بشأن كوريا الشمالية في أيار/مايو 2019، خلافاً بينه وبين ترامب، إذ قال إن تجاربها الصاروخية تنتهك قرارات مجلس الأمن، بينما خفّف ترامب من خطورة الأمر.
وازداد التوتر أيضاً حول محادثات السلام مع "طالبان" في أفغانستان، التي أيّدها ترامب بشدة بينما أبدى بولتون اعتراضه.
وفق "اكسيوس:، غضب ترامب سراً من الخلاف الداخلي.
الخروج الفوضوي
في 10 أيلول/سبتمبر 2019، أعلن ترامب عبر منصة "إكس" أنه طلب من بولتون الاستقالة، بينما غرّد بولتون بعد دقائق أنه عرض استقالته الليلة السابقة.
تناقضت روايات الطرفين حول خروجه، ما عكس أسلوب إدارة ترامب في ولايته الأولى.
بعد خروجه، بدأ بولتون بكتابة مذكراته، والتي حاول البيت الأبيض تأخير نشرها لمراجعتها.
معركة مذكرات
أثارت مذكرات بولتون ضجة كبيرة لتفاصيلها الدقيقة حول قرارات ترامب في السياسة الخارجية.
ذكر الكتاب أن ترامب ربط المساعدات لأوكرانيا بتحقيقات تستهدف خصومه السياسيين، وهو ما أصبح جزءاً محورياً في مساءلته الأولى.
وقال ترامب في مقابلة مع "وول ستريت جورنال" إن بولتون "كاذب" وإن "الجميع في البيت الأبيض كانوا يكرهونه."
ورفعت وزارة العدل دعوى عاجلة لوقف نشر الكتاب بدعوى أنه يحتوي على معلومات سرية.
وحكم قاضٍ بأن بولتون يمكنه نشر الكتاب، لكنه أشار إلى أن بولتون "من المحتمل أنه نشر معلومات سرية" وعرّض نفسه للمساءلة.
وأغلقت وزارة العدل في عهد بايدن التحقيق الجنائي في 2021.
تداعيات المذكرات
حظي الكتاب باهتمام عالمي وأثار قلق حلفاء واشنطن بشأن تعامل ترامب مع القادة الأجانب.
واجه بولتون تهديدات بالقتل من إيران عام 2022 بعد انتقاداته للنظام هناك.
في حزيران/ يونيو 2022، بدا أنه يدافع عن ترامب بقوله إن اقتحام الكونغرس لم يكن "انقلاباً مخططاً بدقة".
لكن بحلول 2023، عاد لينتقده قائلاً إن دعم الجمهوريين له "خطأ سياسي فادح."
وفي مقدمة الطبعة الجديدة من كتابه، كتب بولتون أن "جبلاً من الحقائق يثبت أن ترامب غير مؤهل للرئاسة"، محذراً من انسحاب محتمل من الناتو وإساءة استخدام السلطة.
ورد المتحدث باسم حملة ترامب حينها: "بولتون الذي يدّعي كرهه لترامب، وجد طريقة للارتزاق من العلاقة."
سحب الامتيازات الأمنية
بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض، جرّد عدداً من خصومه السياسيين من امتيازاتهم الأمنية، وكان بولتون من بينهم.
وقال بولتون لـ CNN إن "الأمر يجب أن يؤخذ بجدية… إنها ضربة لمجرد التعبير عن معارضة لترامب."
نبض