خلال رئاسته المليئة بالمجازفات... ضرب إيران أكبر مقامرات ‏ترامب

خلال رئاسته المليئة بالمجازفات... ضرب إيران أكبر مقامرات ‏ترامب

الضربات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة على إيران ربما تمثل أكبر مقامراته حتى الآن
خلال رئاسته المليئة بالمجازفات... ضرب إيران أكبر مقامرات ‏ترامب
دونالد ترامب (غوغل)
Smaller Bigger

خلال الأشهر الأولى من عمر إدارته الحالية خاض الرئيس الأميركي ‏دونالد ترامب غمار عدة مغامرات مقبلا على المخاطرة، تماما كما ‏كان يفعل عندما كان يملك كازينو للقمار في الماضي.‏


إلا أن الضربات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة على إيران في ‏الآونة الأخيرة ربما تمثل أكبر مقامراته حتى الآن.‏


يقول خبراء إنه رغم أن المكاسب السياسية المحتملة كبيرة وتعتمد إلى ‏حد كبير على قدرة ترامب على الحفاظ على السلام الهش الذي يسعى ‏لتحقيقه بين إيران وإسرائيل، فإن هناك احتمالا سلبيا يتمثل في خروج ‏الأمور عن سيطرته في ظل ترقب الرأي العام الأميركي المتشكك.‏

 

حتى الآن، يبدو أن ترامب كسب الرهان فقد جعل التدخل الأميركي ‏محدودا وأجبر الطرفين على وقف إطلاق النار. ويقول فراس مقصد ‏المدير الإداري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة ‏أوراسيا "لقد راهن، ومضت الأمور في صالحه".‏


ويبقى أن نرى ما إذا كان وقف إطلاق النار سيصمد. وعبر ترامب ‏أمس الثلاثاء عن إحباطه من شن إسرائيل هجوما على طهران بعد ‏ساعات من إعلانه عن وقف الأعمال القتالية.‏


وإذا لم يصمد الاتفاق، أو إذا ردت إيران في نهاية المطاف عسكريا ‏أو اقتصاديا، فإن ترامب يخاطر بتفتيت تحالف "أميركا أولا" الذي ‏ساعده على العودة إلى البيت الأبيض.‏


وقال كريس ستايروالت المحلل السياسي في (معهد المشروع ‏الأميركي) "إذا استمرت إيران تمثل مشكلة بعد ستة أشهر من الآن، ‏فسوف يؤدي ذلك إلى تقويض حركة لنجعل أمريكا عظيمة مرة ‏أخرى".‏

 

وأضاف ستايروالت أن ترامب، بطريقة أو بأخرى، أضعف بالفعل ‏جوهر الحركة بعدما نفذ ما أقسم خلال حملته الانتخابية بأنه لن يفعله ‏وهو إقحام الولايات المتحدة في صراع آخر في الشرق الأوسط.‏


ولعل رسائل ترامب تظهر بالفعل التحديات التي قد تواجهه في ‏الحصول على تأييد قاعدته الشعبية. إذ قال يوم الخميس الماضي إنه ‏سيحتاج إلى أسبوعين لتحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستشارك ‏في الحرب إلى جانب إسرائيل مبررا ذلك بأن الوقت ضروري لتهدئة ‏الأوضاع.‏


وخلافا لتصريحاته، وافق بعد يومين على إرسال قاذفات لمهاجمة ‏منشآت نووية إيرانية مما فاجأ الإيرانيين على الأرجح، بل والكثير ‏من الأميركيين.‏


وقد يمثل قراره مهاجمة إيران إشكاليات لأي جمهوري يسعى ‏للوصول للرئاسة في الانتخابات المقبلة. ويوضح ستايروالت "في ‏عام 2028، ستكون مسألة التدخل الأجنبي خطا فاصلا. ستشكل ‏اختبارا حاسما في ظل سعي الناس لتعريف ما هي حركة لنجعل ‏أميركا عظيمة مرة أخرى".‏


ترك البيت الأبيض إلى حد كبير لنائب الرئيس جيه.دي فانس، أحد ‏أكثر أعضاء الإدارة الأميركية تأييدا للسياسات الانعزالية، الدفاع عن ‏الضربة الإيرانية في برنامج إخباري يوم الأحد. ويُنظر إلى فانس ‏باعتباره أحد ورثة حركة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" بعد ‏مغادرة ترامب لمنصبه.‏

 

 

طائرات ‏B-2 Spirit‎‏ شنّت بالغارات على منشآت إيران النووية (أ ف ‏ب)‏
طائرات ‏B-2 Spirit‎‏ شنّت بالغارات على منشآت إيران النووية (أ ف ‏ب)‏

 

 

 

‏* مجازفات كبيرة
لم تكن إيران المقامرة الوحيدة الكبيرة التي خاضها ترامب وهو يعلم ‏أن ثمارها بعيدة المنال.‏

فقد أثار استخدامه المتكرر للرسوم الجمركية حالة من عدم اليقين في ‏الأسواق وأذكى المخاوف بشأن التضخم. وفقدت جهوده لتقليص ‏البيروقراطية الحكومية الزخم مع خروج إيلون ماسك من دائرة ‏مستشاريه. وأثارت حملته المتشددة بشأن الهجرة احتجاجات في أنحاء ‏البلاد.‏


لكن إذا نجح ترامب في مسعاه لحمل إيران على التخلي عن طموحاتها ‏النووية، فسوف يكون ذلك إنجازا يمثل إرثا في منطقة أزعجت ‏رؤساء الولايات المتحدة لعقود من الزمن وجرّت البلاد إلى حروب ‏في العراق وأفغانستان.‏


وتعهّد ترامب خلال حملته الانتخابية بإنهاء "الحروب الأبدية"، وهو ‏ما قد يكون أحد أسباب قلق الرأي العام الأميركي من هجومه على ‏إيران.‏


وأظهر استطلاع للرأي لرويترز/إبسوس نشرت نتائجه يوم الاثنين، ‏وأجري قبل الإعلان عن وقف إطلاق النار، أن 36 بالمئة فقط من ‏المشاركين في الاستطلاع يؤيدون توجيه ضربات للبرنامج النووي ‏الإيراني.‏


وبشكل عام، انخفضت شعبية ترامب إلى 41 بالمئة، وهو أدنى ‏مستوى في ولايته الثانية. كما أظهر الاستطلاع تراجع الدعم لسياسته ‏الخارجية إلى مستويات أقل.‏


وقال ديف هوبكنز الخبير في السياسة الأميركية في كلية بوسطن إن ‏ترامب، عندما أقدم على تنفيذ هجومه المفاجئ على ما يبدو، لم يهتم ‏بتقديم حجج مقنعة للشعب الأميركي بأن الضربة في صالح الولايات ‏المتحدة.‏


وأضاف "لم نشهد أي نقاش حول اعتبار إيران عدوا رئيسيا للولايات ‏المتحدة أو تمثل تهديدا لها".‏


ودافع البيت الأبيض عن تحركات ترامب واصفا إياها بالضرورية ‏والناجحة.‏


وقالت آنا كيلي المتحدثة باسم البيت الأبيض "في غضون 48 ساعة ‏فقط، حقق الرئيس ترامب ما حلم به أسلافه.. القضاء على القدرات ‏النووية الإيرانية بعد التنفيذ المثالي لعملية "مطرقة منتصف الليل"، ‏وتم التوصل إلى وقف إطلاق النار لإنهاء حرب الاثني عشر يوما، ‏وأصبح العالم بأسره أكثر أمانا. يمكن للأميركيين أن يناموا ملء ‏جفونهم وهم يعلمون أن بلدهم آمن بفضل الرئيس ترامب".‏

 

 

مقاتلات أميركية شنّت غارات على منشآت إيران النووية (أ ف ب)‏
مقاتلات أميركية شنّت غارات على منشآت إيران النووية (أ ف ب)‏

 

‏* وعود، وعود
ورأى هوبكنز أن تباهي ترامب بفرضه وقفا لإطلاق النار كان جزءا ‏من نمط متكرر. فعندما كان مرشحا، قال ترامب إن بإمكانه إنهاء ‏الحرب في أوكرانيا وغزة لكنه اكتشف منذ ذلك الحين أنه لا يستطيع ‏إخضاع روسيا وإسرائيل لإرادته. وفي الواقع، حذا ترامب حذو ‏إسرائيل بضربه إيران وليس العكس.‏


يتماشى هذا الهجوم مع نهج ترامب في ولايته الثانية في التصرف ‏بجرأة من دون دعم شعبي واسع. ولأنه في فترة رئاسته الثانية ‏والأخيرة فهو لا يقلق من مواجهة الناخبين مجددا، ويعمل مع ‏كونغرس يسيطر عليه الجمهوريون.‏


وعلى هذا المنوال، شهدت الأشهر الأولى من ولاية ترامب طرده ‏آلاف الموظفين الحكوميين ومنحه الضوء الأخضر لمداهمات تتعلق ‏بالهجرة وعمليات ترحيل مما تسبب في اندلاع احتجاجات وتآكل ‏العمالة اليدوية وإقامة حواجز تجارية على تدفق البضائع والآن ‏يقصف دولة في الشرق الأوسط.‏

تقول أليسون ستانجر أستاذة العلوم السياسية في كلية ميدلبري إن ‏الثمن السياسي قد لا يُدفع فورا لكنه قد يأتي متمثلا في استمرار ‏الاضطرابات المدنية في أميركا أو مكاسب للحزب الديمقراطي في ‏انتخابات التجديد النصفي للكونغرس العام المقبل.‏


وأضافت ستانجر "إن الخطر السياسي الذي يواجهه ترامب لا يكمن ‏في تأزم الوضع في الحال... بل يتمثل في زيادة تدريجية في الشعور ‏بالاستياء الذي أثاره على جبهات متعددة، خارجية وداخلية".‏

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.
اقتصاد وأعمال 12/11/2025 10:44:00 AM
تكمن أهمية هذا المشروع في أنه يحاول الموازنة بين 3 عوامل متناقضة: حاجات المودعين لاستعادة ودائعهم بالدولار الحقيقي، قدرة الدولة والمصارف على التمويل، وضبط الفجوة المالية الهائلة التي تستنزف الاقتصاد