تحديات ثلاثة كبرى أمام إيران في 2026... من يخلف خامنئي؟

ايران 30-12-2025 | 06:52

تحديات ثلاثة كبرى أمام إيران في 2026... من يخلف خامنئي؟

الوضع في الجمهورية الإسلامية لا يزال في حالة "لا حرب ولا سلام"، ولم يتم استبعاد احتمال نشوب حرب جديدة.
تحديات ثلاثة كبرى أمام إيران في 2026... من يخلف خامنئي؟
المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.(أف ب)
Smaller Bigger

إيران في عام 2026 تواجه تحديات متعددة في ثلاثة مجالات رئيسية: الاقتصادي، الاجتماعي، والسياسي الأمني. إذا لم تتخذ الحكومة، معتمدة على إرادة الشعب ورغباته، تدابير للسيطرة عليها، فإنها ستظهر في شكل تحديات أكبر تُعرف بـ"الأزمات المتقاربة"، وستتحول إلى أزمات عملاقة غير قابلة للسيطرة.  

 

هذه التحديات الثلاثة ليست حديثة العهد، بل ترجع جذورها إلى أداء الحكومات الإيرانية السابقة. ومع ذلك، هناك خمسة عوامل رئيسية تشكل محفزات لتفاقمها، وهي: العقوبات الدولية وخصوصاً من الولايات المتحدة، الإدارة الداخلية غير الكفية، التوترات في العلاقات الخارجية وخصوصاً مع الولايات المتحدة وأوروبا، الحرب التي دامت 12 يوماً مع إسرائيل (التي وقعت في يونيو 2025)، والمشكلات البيئية مثل الجفاف والتلوث الهوائي.  
إذا استمر الوضع الحالي، فإن هذه المشكلات قد تظهر في عام 2026 تحديات كبرى في المجالات الثلاثة: الاقتصادي، السياسي الأمني، والاجتماعي. يركز هذا التحليل على شرح هذه التحديات الثلاثة لإيران في عام 2026.

التحديات الاقتصادية: الركود والتضخم... هل ينجو الشعب من الفقر المتزايد؟


يُعتبر الاقتصاد أبرز تحديات إيران عام 2026، لأن المشكلات الاقتصادية تُشكل سبباً للتحديات الأخرى، وفي الوقت نفسه تتأثر بسرعة من التحديات الأخرى، مما يثير قلق الشعب والحكومة. أبرز المشكلات الاقتصادية في إيران خلال عام 2026 هي:  

-  التضخم المرتفع (أكثر من 40%)، الذي يضغط بشدة على الطبقات الضعيفة في المجتمع. وفقاً للإحصاءات الرسمية، يتضرر أكثر من 60 مليون شخص من سكان إيران البالغ عددهم 85 مليوناً من التضخم العالي، ويحتاجون إلى دعم حكومي لإدارة حياتهم اليومية. بين هؤلاء، أولئك الذين يفتقرون إلى سكن أو وظيفة مستقرة قد ينزلقون تحت خط الفقر في أي تقلب اقتصادي، ويصبحون بين الفقراء والمعوزين. (وفقاً لتقارير البنك الدولي، من المتوقع أن يدفع التباطؤ الاقتصادي الأخير نحو مليوني شخص إضافيين إلى الفقر في عام 2025، مع استمرار الاتجاه في 2026).  

- غياب الاستثمار الأجنبي وتوقف المشاريع الكبرى في البنية التحتية، خصوصاً في قطاع الطاقة مثل النفط والغاز والكهرباء والمياه والنقل. يبدو أنه من دون تغيير جذري في العلاقات الخارجية الإيرانية، لا توجد آفاق مشرقة لجذب الاستثمارات الأجنبية، بينما تشير التقديرات إلى أن إيران تحتاج إلى ما لا يقل عن 50 مليار دولار سنوياً من الاستثمارات الأجنبية في القطاعات التحتية، لتحويل مواردها ومناجمها واحتياطياتها الغنية إلى ثروة وطنية، ولإعادة بناء أسطولها الجوي والسككي والبري وتطويرها.  

- زيادة حصة الضرائب في إيرادات الحكومة إلى 70% العام المقبل، مع مراعاة النمو الاقتصادي السلبي والركود السائد الاقتصاد الإيراني، مما سيؤدي إلى ضغط إضافي على القطاع الخاص والمواطنين. وأعلن رئيس الجمهورية الإيراني أن الحكومة ليس لديها خيار سوى زيادة الضرائب لزيادة رواتب موظفيها بنسبة 20%. في الوقت نفسه، يقول الإيرانيون إن مع تضخم بنسبة 40%، فإن زيادة رواتب موظفي الحكومة بنسبة 20% ستؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للناس بنسبة 20% على الأقل عام 2026. ويرى بعض الخبراء أيضاً إن الميزانية المعتمدة على الضرائب تتعلق بالدول التي تكون فيها مصاريف الحكومة شفافة تماماً، وتكون الحكومة مسؤولة أمام مطالب الشعب واحتجاجاته. لذا، في إيران حيث لا تكون الإيرادات والمصاريف والدخول والنفقات الحكومية شفافة، وحيث تحصل المؤسسات المعينة التابعة للحكم وغير المسؤولة أمام الشعب والإعلام على حصة كبيرة من الميزانية، فإن زيادة حصة الضرائب من الإيرادات ستؤدي إلى مزيد من عدم الرضا لدى الشعب.  

- الزيادة غير المسبوقة في أسعار العملات الأجنبية والذهب مما يدل على ضعف شديد في العملة الوطنية. شهد الإيرانيون في الأيام الأخيرة من عام 2025 نمواً يومياً في أسعار الدولار والذهب، وهناك قلق من أن يستمر هذا الاتجاه في العام المقبل، مما يؤدي إلى ظاهرة تُعرف بـ"التضخم الفائق"، بحيث يتم استبعاد الريال كوحدة عملة رسمية من دورة المعاملات في البلاد أو يصبح دوره ضعيفاً. *(حذر خبراء اقتصاديون إيرانيون من أن التضخم السنوي قد يتجاوز 60% بحلول نهاية العام الإيراني في مارس 2026).

- التحديات البيئية المرتبطة بالاقتصاد: في حال استمرار الجفاف الناتج من التغيرات المناخية وعدم التوازن في الطاقة ولاسيما منها في قطاع الكهرباء، ستضطر الحكومة إلى مواصلة انقطاع الكهرباء والغاز والمياه في ساعات معينة من اليوم، مما يؤدي إلى ركود إضافي في الإنتاج والاقتصاد الإيراني، وزيادة عدم الرضا.

 

 

 

 

التحديات الأمنية والسياسية: هل يعود شبح الحرب... ومن يخلف المرشد الأعلى؟
رغم مرور أكثر من ستة أشهر على الحرب بين إيران وإسرائيل، إلا أن الوضع في الجمهورية الإسلامية لا يزال في حالة "لا حرب ولا سلام"، ولم يتم استبعاد احتمال نشوب حرب جديدة. السبب في ذلك هو عدم تغيير سياسة طهران وتل أبيب حيال بعضهما البعض. تقول إسرائيل إنها على رغم هجومها على المنشآت النووية الإيرانية، إلا أن التهديد الصاروخي الإيراني لا يزال قائماً، وتطالب بتدمير القدرة الصاروخية الإيرانية. أما إيران، فلم تغير سياستها نحو إسرائيل، ولا تزال تعتبر هذا النظام غير شرعي، وتُعد ضرورة تدميره من الشعارات الرئيسية للمسؤولين الإيرانيين. لا توجد أي إشارات إيجابية بشأن استئناف المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق سياسي. تدعي الولايات المتحدة أنها دمرت المنشآت النووية الإيرانية ولا تحتاج إلى اتفاق، بينما تعتبر إيران الولايات المتحدة عدوها الرئيسي في النظام الدولي، وحليف إسرائيل الرئيسي في الحرب الأخيرة ضد إيران، وترى الحوار مع واشنطن مذلاً.  

هذا التحدي العسكري والأمني، مع التهديد المستمر من إسرائيل باستهداف قائد الجمهورية الإسلامية، يمكن أن يتحول إلى تحدٍ سياسيّ كبير في إيران خلال العام المقبل أيضاً. منذ سنوات، يتم نشر أخبار وتحليلات كثيرة حول خلفية آية الله خامنئي، القائد القوي البالغ من العمر 86 عاماً (آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية منذ عام 1989). ومع ذلك، لم يتم تحديد رسمياً من هم المرشحون لخلافته، رغم ذكر أسماء مثل حسن روحاني (رئيس الجمهورية السابق)، سيد حسن الخميني (حفيد الإمام الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية)، مجتبى خامنئي (ابن الملرشد الأعلى)، علي رضا أعرافي (مدير حوزة قم العلمية وعضو مجلس الخبراء)، وصادق لاريجاني (رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام). في هذا الصدد، ثمة أسئلة مهمة مثل: هل سيستمر منصب القيادة في الجمهورية الإسلامية بشكله الحالي بعد آية الله خامنئي أم لا؟ يبدو أنه مع عدم امتلاك أي من المرشحين المحتملين الخبرة والنفوذ والقوة التي يتمتع بها آية الله خامنئي، فإن منصب القيادة سيشهد تغييراً ملحوظاً بعد وفاته.

 الاضطرابات والاحتجاجات الاجتماعية: مجتمع على حافة الانفجار؟ 
المجتمع الإيراني، لأسباب متعددة، مستعد منذ سنوات للاضطرابات والاحتجاجات المدنية والسياسية والنقابية، وأحداث الـ15 عاماً الأخيرة، خصوصاً بعد انتخابات الرئاسة في عام 2009 (التي أدت إلى احتجاجات واسعة النطاق)، حتى الآن، تظهر هذه الحقيقة بوضوح: أرضية الاحتجاج والاضطراب موجودة دائماً، وتحتاج فقط إلى ذريعة للانفجار. وفقاً لتصريح هادي خانيكي، الأستاذ البارز في علم الاتصالات في جامعة العلامة طباطبائي في طهران، بلغت نسبة عدم الرضا لدى الشعب من الوضع الحالي 92%، ومعظم الإيرانيين قلقون بشأن المستقبل.

هذا الشعور يمكن أن يتحوّل مع أي حدث مثل ارتفاع أسعار السلع، أو نشوب حرب، أو قرار خاطئ من جانب الحكومة، أو حتى مشكلات بيئية، إلى أزمة اجتماعية واحتجاج نقابي أو عام. في عام 2026، إيران معرضة بشدة لهذا الخطر، وكثير من المشكلات التي لا تكون أزمة في الظروف العادية يمكن أن تصبح فيها نقطة بداية لأزمة اجتماعية. من ناحية أخرى، من المتوقع أن تزداد الآفات الاجتماعية مثل الإدمان والطلاق والسرقة والاحتيال في الأشهر المقبلة، متأثرة بالظروف الاقتصادية وعدم الاستقرار النفسي في المجتمع.

أمل في المستقبل رغم التحديات 
رغم كل هذه المشكلات والتحديات، فإن المجتمع الإيراني، الذي يتمتع بتاريخ وثقافة غنيين، إذا رأى نقاط أمل في تحسين الأوضاع في مجالات الاقتصاد والسياسة والعلاقات الدولية، فإنه يمتلك القدرة والموهبة على إعادة بناء اجتماعي، وخلق أرضية لعبور سلمي من هذه التحديات. كما سيكون مصاحباً للنظام السياسي إذا رأى أن الحكومة والنظام ملتزمان ومصممان على تحسين الأوضاع. النظام الجمهوري الإسلامي لا يزال يمتلك القدرة على إعادة بناء نفسه، من خلال مراجعة السياسات الفاشلة السابقة واتخاذ نهج واقعي، واتخاذ قرارات مهمة في مجالات السياسة والاقتصاد وطريقة الحكم. خلاف ذلك، يبدو غير محتمل أن يمتلك القدرة على مواجهة التحديات المتقاربة المذكورة في هذا التحليل أو إدارتها أو السيطرة عليها.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/29/2025 6:20:00 PM
القادة هم: أبو عبيدة ومحمد السنوار ومحمد شبانة ورائد سعد وأبو عمر السوري.
اقتصاد وأعمال 12/29/2025 5:34:00 AM
"بات من مصلحة المكلفين التصريح عن مداخيلهم وتسديد الضرائب ضمن المهل القانونية، تفاديا لرفع السرية المصرفية عن حساباتهم"
لبنان 12/29/2025 12:37:00 PM
سمير جعجع دعا إلى عدم التصويت لمحور الممانعة أو "التيار الوطني الحر"
سياسة 12/29/2025 7:00:00 AM
صباح الخير من "النهار"...إليكم أبرز الأخبار والتحاليل لليوم الاثنين 28 كانون الأول / ديسمبر 2025