كاريكاتير في صحيفة بريطانية يسخر من الميليشيات العراقية؟ النهار تتحقق FactCheck
تتداول العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لكاريكاتير بمزاعم أنَّ "الصحيفة البريطانية ذا ديلي ساتيريست نشرته مع تعليق بأنَّ أميركا أجبرت وكلاء إيران على نزع السلاح". إلا أنَّ هذا الادّعاء خاطئ، إذ لا توجد صحيفة بهذا الاسم، والصورة مولّدة بالذكاء الاصطناعي. FactCheck#
"النّهار" دقّقت من أجلكم
في الادّعاء المتداول، كاريكاتير مضمّن بشكل صحيفة اسمها "ذا ديلي ساتيريست"، ويظهر أشخاصاً من دون ملابس، حمل أحدهم لافتة "لا مزيد من الأسلحة- العراق". وكانوا يتوجهون في طابور نحو مكبّ لوضع الأسلحة والملابس فيه.
وأرفقت الصورة بعنوان: "أجبرت الولايات المتحدة وكلاء إيران على نزع سلاحهم"، ووصفت بأنَّها "التعرّي الكبير". وجاء معها النص الآتي: "أعلنت واشنطن استنفاد الجدوى بعد استخدام الميليشيات ضد أعداء الولايات المتحدة. وجُرّد المقاتلون من زيهم الحربي وأعيدوا إلى آخر صفوف العاطلين عن العمل". وكُتب أسفلها اسم علي الحجاج، بكونه صانع الكاريكاتير.

وقد تحقّقت "النّهار" من الادّعاء، واتّضح أنَّه غير صحيح:
1- بالبحث العكسي عن الصورة، توصّلنا إلى نسخة أصلية منها بالانكليزية (قبل الترجمة الى العربية) منشورة على منصّة إكس في صفحات عادية وغير تابعة لصحيفة بريطانية أو أي موقع صحافي آخر. وبحثنا عن صحيفة باسم The Daily Satirist- ذا ديلي ساتيريست، ولم نجد نتائج ذات صلة.

2- بالبحث عن اسم علي الحجاج المشار إليه أسفل الصورة، لم نعثر أي فنان أو مصمم أو رسام كاريكاتير بهذا الاسم. في المقابل، وجدنا فناناً أردنياً في هذا المجال يدعى عماد حجاج، ولم نعثر على الصورة منشورة في حساباته.
3- وبتحليل الصورة عبر أدوات كشف المحتوى المولّد بالذكاء الاصطناعي، مثل hive moderation وsightengine وundetectable ai وisgen ai، كشفت النتائج أنَّها مولّدة بالكامل بالذكاء الاصطناعي.


"تحول مفاجئ"
ويأتي تداول هذا الكاريكاتير الزائف في سياق سياسي وإعلامي مشحون يتّسم بتصاعد المناقشة بشأن ملف السلاح خارج إطار الدولة، والعلاقة بين الولايات المتحدة وإيران وانعكاساتها داخل العراق.
وغالباً ما تُستغل مثل هذه السياقات الحسّاسة لنشر محتوى ساخر أو استفزازي يُقدَّم على أنه صادر عن وسائل إعلام غربية "مرموقة" لإضفاء مصداقية زائفة عليه، خصوصاً لدى اقترابه من سرديات شائعة أو مرغوبة لدى جمهور معيّن.
والاعتماد على الكاريكاتير، بوصفه قالباً بصرياً سريع الانتشار وقابلاً للتأويل، يسهم في تضخيم الادّعاء وترسيخه من دون تدقيق، لا سيما في بيئة رقمية تشهد ضعفاً في التحقق من أسماء الصحف الأجنبية ومصادر الصور، وتزايد استخدام المحتوى المولَّد بالذكاء الاصطناعي لأغراض التضليل السياسي والتأثير على الرأي العام.
وبعد إعلان عدد من الميليشيات العراقية المدعومة إيرانياً عزمها نزع السلاح، نقلت صحيفة The media line الأميركية عن الباحثة السياسية العراقية سعاد القيسي إنَّ "هذا التحول المفاجئ يرجع إلى مخاوف من ضربات عسكرية أميركية- إسرائيلية محتملة تستهدف هذه الميليشيات"، إلى جانب ضغوط أميركية مرتبطة بميزانية الدفاع الوطني لعام 2025، والتي تشترط تقليص قدرات المجموعات المسلحة المدعومة من إيران مقابل استمرار التعاون الأمني والتمويل.

وقال علي الخزعلي، القيادي في ميليشيات "عصائب أهل الحق" للصحيفة إنَّه من الممكن تشكيل وزارة للحشد الشعبي مشابهة لوزارة الدفاع، وبهذه الطريقة ستكون الأسلحة فعلياً تحت سيطرة الدولة، ويكون الجميع تحت قيادة رئيس الوزراء العراقي، من دون أن يمس ذلك بمصالح المقاتلين.
واضاف: "نحن نتبع أوامر المرجعيات الدينية، وبالتالي عندما قالوا إنه لم يعد هناك حاجة لسلاح خارج سيطرة الدولة، سنطيع تلك الأوامر".
ونقلت الصحيفة تصريحاً عن الضابط السابق في الجيش العراقي خالد العيداني قال فيه إنَّه "يوجد ما لا يقل عن 30 مليون قطعة سلاح خفيف خارج سيطرة الدولة، في حين يبلغ عدد الأسلحة الثقيلة التي تمتلكها الميليشيات ما لا يقل عن 200 ألف قطعة، تتراوح بين الطائرات المسيرة والمتفجرات وغيرها من الأسلحة التي بحوزتها".
وأوضح أنَّ هناك تحديات عدّة أمام جمع هذه الأسلحة، بينها عدم وجود أرقام دقيقة عن كمياتها أو حتى مواقعها. وقد يكون تسليم الأسلحة رمزياً فقط، مع دمج هذه الميليشيات في القوات الأمنية لاحقاً، لكن ولاءها سيظل لقادتها الحقيقيين.
نبض