شفاء أول حالة داء كلب في العالم على يد فريق طبي مصري؟ إليكم الحقيقة FactCheck
في سياق المنشورات المضلّلة التي تتباهى بإنجازات طبية وعلميّة، تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي منشورات تزعم أنّ فريقاً طبياً مصرياً تمكّن من شفاء مصابٍ بداء الكلب، الأمر الذي يشكّل سابقة عالميّة. إلا أنّ هذا الادعاء غير صحيح. فعلى الرغم من أنّ عدد الناجين من هذا الداء ما زال محدوداً، سُجّلت حالات شفاء عديدة في العالم، بحسب الاختصاصيين والمراجع العلميّة.
"إنجاز طبي مصري عالمي". بهذه العبارة تُستهلّ المنشورات التي تذهب للقول إن فريقاً طبياً مصرياً "تمكّن من إنقاذ حياة طفل بعد إصابته بداء السعار (الكلب) القاتل، الذي لا يوجد له علاج معتمد عالميًا حتى الآن". وتضيف المنشورات أنّ "الفريق طوّر بروتوكولاً علاجياً مبتكراً بالأدوية المضادة للفيروسات وحقن مناعية، ليصبح الطفل عمر أول مصري وأول إنسان في العالم يتعافى بعد إصابة مؤكدة بالكلب".

حصد المنشور عشرات آلاف التفاعلات وشاركه أكثر من 20 ألف شخص من هذه الصفحة وحدها عبر فايسبوك.
إلا أنّ المعلومات التي يعرضها المنشور مضلّلة ومبالغ بها.
ما هو داء الكلب؟
تعرّف منظمة الصحة العالمية داء الكلب على أنّه "مرض فيروسي حيواني المصدر من أمراض المناطق المدارية المهملة يحصد أرواح عشرات الآلاف سنوياً، منهم نسبة 40% أطفال دون سن 15 عاماً". وتضيف أنّه "ينجم نسبة 99% من حالات داء الكلب البشري عن عضّات الكلاب والخدوش التي تُحدثها، ويمكن الوقاية منها بتلقيح الكلاب والوقاية من عضّاتها".
وبحسب المكتبة الوطنيّة للطبّ في الولايات المتحدة يصبح الفيروس قاتلاً عندما "يصيب الجهاز العصبي المركزي وعندما تظهر الأعراض السريرية".
وتقول منظّمة الصحة العالمية إنّه يمكن تجنّب الوفيات الناجمة عن داء الكلب بفضل العلاج الوقائي الفوري الذي يعمل على منع الفيروس من الوصول إلى الجهاز العصبي المركزي. وينطوي هذا العلاج على "غسل الجروح جيداً، وإعطاء دورة من لقاح داء الكلب البشري، والغلوبولين المناعي لداء الكلب، عند وصفه".
وبالتالي فإن العلاج الواقي متوفّر، والأهمّ بحسب البروتوكولات العلاجيّة المعتمدة هو منع الفيروس من بلوغ جهاز العصبي المركزي.
حالات شفاء مسجّلة سابقاً
أما الحديث عن أنّ أولى حالات الشفاء من داء الكلب سُجّلت على يد فريق طبي مصري، فلا صحّة له.
فالاطلاع على المراجع الطبيّة الموثوق بها يبيّن أن حالات شفاء عدّة سُجّلت ووثّقت سابقاً في الهند مثلاً أو تونس.
وفي حديث لوكالة "فرانس برس"، يؤكّد الطبيب أشرف زكي، وهو استشاري الحميات والأمراض المعدية بالمركز الطبي العالمي بالقاهرة، أنّ حالات شفاء عدّة سُجّلت في العالم، على الرغم من أن داء الكلب يُعتبر تاريخيًا مرضًا مميتًا بمجرد ظهور الأعراض السريرية.
ويشير زكي إلى أنّ الادعاء أنّ فريقاً طبياً مصرياً سجّل أوّل حالة شفاء في العالم من هذا المرض يتعارض مع الدراسات العلمية التي وثّقت حالات شفاء عدّة، منها لمراهقة أميركية عام 2004، باستخدام "بروتوكول ميلووكي".
ويشرح زكي أنّ الكلب ليس مرضاً يعالجه تخصّص واحد، لأنّ التعامل معه يمرّ بمراحل مختلفة تبدأ من الوقاية بعد العضّة، مرورًا بالطوارئ، ووصولًا إلى العناية المركزة.
ويوضح أن طبيب الطوارئ عادة ما ينكبّ على الحالة، ثم الطبيب المختص بالوقاية من الأمراض المعدية، وهو المسؤول عن القرارات المتعلقة ببروتوكول التطعيم والغلوبولين المناعي وتقييم احتمالية تطور العدوى.
"النجاة استثناء"
ويؤكد الطبيب ما جاء في المراجع العلميّة، قائلا: "عندما يدخل المريض مرحلة الكلب السريري التي تكاد تكون مميتة، يتحوّل العلاج رعاية داعمة فقط داخل العناية المركزة، بمشاركة من أطباء الرعاية الحرجة والأعصاب والأمراض المعدية". ويشدّد على أنّه عند ذلك تصبح "النجاة استثناءً لا قاعدة".
ويكمل أنه في حالة الكلب السريري (بعد ظهور الأعراض)، ما من علاج معتمد ومتفق عليه وفعّال بشكل ثابت "ولا تزال التقارير السريرية والمقاربات التجريبية (مثل بروتوكول ميلووكي) موجودة، لكن إرشادات منظمة الصحة العالمية تركّز على الوقاية والرعاية الداعمة بدلاً من الادعاء بوجود بروتوكول علاجي شافٍ للحالات السريرية".
خدمة تقصي صحة الأخبار باللغة العربية، وكالة فرانس برس
نبض