الذهب يرسم مستقبل الاقتصاد العالمي

اقتصاد وأعمال 08-12-2025 | 08:03

الذهب يرسم مستقبل الاقتصاد العالمي

العالم يتجه نحو إعادة بناء منظومته المالية على قاعدة أكثر ثباتاً.
الذهب يرسم مستقبل الاقتصاد العالمي
عامل يلمع سبائك الذهب في سيدني - أستراليا، 5 أغسطس 2020. (أ ف ب)
Smaller Bigger

يشهد النظام المالي العالمي تحولاً بنيوياً عميقاً، يُعيد تموضع الذهب في قلب المعادلة الاقتصادية، بعد عقود من هيمنة الأدوات النقدية الورقية. فالتراجع النسبي في قوة الدولار، وتفاقم الديون السيادية، وارتفاع منسوب التوترات الجيوسياسية، إضافة إلى الضبابية التي تكتنف آفاق الاستقرار النقدي، عوامل أعادت تشكيل نظرة الدول والمستثمرين إلى الأصول الآمنة. 

وفي ظل موجة شراء غير مسبوقة للبنوك المركزية بلغت نحو 4370 طناً في 2025، يبرز الذهب أداة استراتيجية لتقليل الارتهان للدولار وتعزيز المناعة المالية، مع تباطؤ الاقتصادات الكبرى وتزايد المخاوف التضخمية. يتجاوز هذا التحول الوظيفة التقليدية للذهب كملاذ آمن، ليصبح عنصراً مؤثراً في إعادة هندسة القواعد النقدية الدولية، وسط نقاشات متصاعدة حول مستقبل الدولار، وإمكان ظهور نماذج نقدية هجينة تجمع بين الذهب والعملات الرقمية. 

سبائك ذهب بأحجام مختلفة (د ب أ)
سبائك ذهب بأحجام مختلفة (د ب أ)

 

تتشكل ملامح مرحلة جديدة يتقدم فيها الذهب ركيزة استقرار ومرجع ثقة في عالم يواجه اهتزازات مالية وجيوسياسية متسارعة. وتعكس هذه الحركة، بحسب الباحث الاقتصادي زياد ناصر الدين، محاولة من دول كالصين والهند وتركيا لتقليل ارتهانها للدولار وتعزيز "مناعة مالية" تسمح لها بامتصاص الصدمات المتوقعة.

وفي ظل انخفاض أسعار الفائدة وضعف عوائد الأسهم، وتزايد القلق من التضخم العالمي، يتقدم الذهب ليشغل موقع خط الحماية الأول للقوة الشرائية. ويرى ناصر الدين أن المرحلة الحالية تشبه "اعادة اكتشاف" لوظيفة الذهب التاريخية: ليس كملاذ آمن فحسب، بل كأداة ضبط لإيقاع النظام النقدي العالمي، خصوصاً بعدما أصبحت الأسواق أشد حساسية لتبعات الحرب التجارية الأميركية - الصينية والرسوم الجمركية التي تضغط على التجارة والإنتاج.

يتزامن هذا التحول مع مؤشرات تباطؤ اقتصادي في واشنطن وبكين على حد سواء، ما يعمق الاضطراب ويفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل العملة الأميركية. فالعجز الفيدرالي يقترب من 1200 مليار دولار، والدين العام الأميركي يرتفع إلى 37 تريليون دولار، في أرقام يعتبرها ناصر الدين دليلاً على "تراجع القدرة البنيوية للدولار على الحفاظ على موقعه التاريخي كعملة احتياط وحيدة بلا منافس".

ورغم امتلاك الولايات المتحدة أكبر احتياطي ذهب في العالم (8133 طناً)، فإن الدولار لا يزال غير مرتبط بالذهب، ما يعيد إحياء النقاش حول احتمالات تعديل القاعدة النقدية أو التحول إلى نماذج هجينة تجمع بين الذهب والعملات الرقمية للبنوك المركزية. ويصف ناصر الدين اللحظة الراهنة بأنها "مرحلة إعادة هندسة للنظام النقدي"، حيث تُختبر توازنات جديدة بين الأصول التقليدية والابتكارات التقنية.

في المقابل، لا تزال أي اكتشافات جديدة للذهب، مثل المخزون المعلن عنه في السودان بقيمة تتراوح بين 15 و20 مليار دولار، غير كافية لتلبية الطلب المتنامي، "وهذا يزيد من أهمية الذهب كأصل نادر واستراتيجي، ويعزز قرارات الدول برفع احتياطاتها منه"، وفق ناصر الدين.

الصورة واضحة: عالم يتجه نحو إعادة بناء منظومته المالية على قاعدة أكثر ثباتاً. ويبدو الذهب برأي ناصر الدين مرشحاً ليكون محوراً رئيسياً في إدارة المخاطر وحماية القيمة، فيما تظل الأسئلة مفتوحة حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستعيد ربط الدولار بالذهب، أو ستتجه إلى العملات الرقمية؟ المؤكد وفق ناصر الدين أن "الذهب لم يعد مجرد أصل استثماري، بل عنصر فاعل في رسم مستقبل الاقتصاد العالمي".

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/8/2025 10:41:00 AM
فر الأسد من سوريا إلى روسيا قبل عام عندما سيطرت المعارضة بقيادة الرئيس الحالي الشرع على دمشق
المشرق-العربي 12/8/2025 5:03:00 PM
تُهدّد هذه الخطوة بمزيد من التفكك في اليمن.
النهار تتحقق 12/8/2025 10:43:00 AM
الصورة عتيقة، وألوانها باهتة. وبدا فيها الرئيس السوري المخلوع واقفا الى جانب لونا الشبل بفستان العرس. ماذا في التفاصيل؟ 
النهار تتحقق 12/8/2025 2:57:00 PM
الصورة حميمة، وزُعِم أنّها "مسرّبة من منزل ماهر الأسد"، شقيق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. ماذا وجدنا؟