نبيل بو منصف في "بودكاست مع نايلة": شجاعة جبران قتلته… لكنّه لا يتكرّر
في "بودكاست مع نايلة" هذا الأسبوع، استضافت نايلة تويني نائب رئيس تحرير "النهار" نبيل بو منصف، ليعودا معاً إلى عشرين عاماً مضت، إلى يوم اغتيال جبران تويني. حوار أشبه بفتح جرحٍ قديم ما زال ينزف، واستحضار لروح رجلٍ عاش بكلّ ما فيه من صدق وشغف، ومات من أجل وطنه.
في كلمات بو منصف، كان جبران حاضراً بكلّ تفاصيله: في صراحته، في اندفاعه، في إيمانه. وفي عينَي نايلة، كان الأب الذي يطلّ من بين السطور، ليذكّر بأن "النهار" لم تنطفئ. هذه الحلقة كانت صلاة صادقة لروح جبران، وإعلاناً أن الحبّ والإيمان هما ما جعل "النهار" تستمرّ، وأن الشجاعة المطلقة لا تموت، بل تتحوّل إلى إرث خالد.
جبران: الشجاعة التي لا تُحتمل
حين سألت نايلة نبيل عن كلمة واحدة تختصر جبران، أجاب: "الشجاعة المُطلقة". كان جبران شاباً متحمّساً، صادقاً، صريحاً، لا يعرف المساومة على المبادئ. أحب الوطن حتى آخر نفس، وكان مفعماً بإيمان لا يتزعزع بأن الشباب هم مفتاح التغيير. لكن هذه الشجاعة، كما قال نبيل بأسى، "قتلته"، كان يتمنّى لو كان جباناً. ومع ذلك، فإن رجلاً مثل جبران لا يتكرّر، لأنه كان ظاهرة شبابية فريدة، نذر نفسه ومؤسّسته للشباب والجيل الجديد.
نبيل، الذي عُرف عنه ثباته وعدم اضطرابه، اعترف بأن هذه الذكرى تجعله يشعر بتهيّب خاص. عشرون عاماً كانت من أصعب ما مرّ به لبنان و"النهار". يوم 12 كانون الأول/ديسمبر محفور في ذاكرته؛ يومٌ "مرعب"، حين فقد لبنان أحد أبرز رموزه الوطنية. ورغم الألم، صدرت "النهار" وفق الأصول، لتقول إنّ الدم لا يوقف الحبر. اليوم، تكمل نايلة الإرث عبر مواكبة التكنولوجيا، لتبقى "النهار" حاضرة في العصر الرقمي، تصل إلى العالم العربي والعالم أجمع. يرى نبيل جبران في حركات ابنته، في أدائها، في كل خطوة تخطوها.
القَسَم والكرامة الوطنية
من اللحظات التي لا ينساها نبيل، حين كتب جبران القسم الذي ألقاه في ساحة الشهداء يوم 14 آذار. يروي كيف انبهر وهو يقرأ القَسم أمامه، وكيف أشعلت تلك الكلمات الكرامة الوطنية في لبنان. جبران كان يعرف أن حياته مهدّدة، وقال لمراسلة CNN في طريقه إلى الساحة: "أنا أعرف أنهم سيقتلونني". ومع ذلك، لم يتراجع. كان يدرك أن نظام الأسد سيغتاله، لكنه فضّل أن يموت واقفاً على أن يعيش منحنياً.
بالنسبة إلى نبيل، تتسلّل وصايا جبران في كل ما يكتبه، وفي كل ما تنشره "النهار". يرى أن جبران سيكون فخوراً اليوم بما وصلت إليه "النهار"، خصوصاً في المجال الرقمي، حيث أثبتت حضورها عبر تغطيات كبرى وأحداث مفصلية، وغطّت زيارة البابا لاوون الرابع عشر بطريقة مميزة، زيارة حملت في طيّاتها استعادة لروح جبران، حين وحّد الطوائف في ساحة الشهداء وأعاد إلى الأذهان القسم الذي أشعل الكرامة الوطنية. ويؤكد نبيل أن الحبّ والإيمان هما ما جعل النهار تستمر رغم كل الصعاب، وهما أيضاً ما يجعل جبران مطمئناً في مكانه، كأنه يطلّ من بعيد ليبارك المسيرة التي لم تنطفئ.
حلقة هذا الأسبوع كانت مرآةً لروح جبران التي لا تزال حيّة. كان شجاعاً إلى حدّ الاستشهاد، صادقاً إلى حدّ التضحية، ومؤمناً إلى حدّ اليقين بأن لبنان يستحق الحياة. عشرون عاماً مضت، لكن جبران لا يزال بيننا، في كلّ كلمة، وفي كل حلم يراود شباب لبنان. جبران هو الشجاعة المطلقة، وهو الصوت الذي لن يخفت.
نبض