عن أحمد حويلي.. صوت الصلاة الذي أذابنا عشقاً

ثقافة 21-09-2025 | 16:55

عن أحمد حويلي.. صوت الصلاة الذي أذابنا عشقاً

"متى ما تلقى من تهوى، دع الدنيا وأهملها".
عن أحمد حويلي.. صوت الصلاة الذي أذابنا عشقاً
المنشد أحمد حويلي. (فايسبوك)
Smaller Bigger

رحل من أنشد "أشهد أن الإنسانية بالعشق تحيا". رنّم للهوى والغرام، وكبّر في آذاننا أن الله مع العاشقين دوماً.

"فليتك تحلو والحياة مريرة، وليتك ترضى والأنام غضاب.. وليت الذي بيني وبينك عامر، وبيني وبين العالمين خراب". 

كانت هذه أولى الأبيات التي سمعتها على لسان المنشد الصوفي أحمد حويلي، قبل نحو تسع سنوات، بوابة الدخول إلى عالمٍ حيث يختفي فيه كلّ شيء إلّا الحبّ، تتلاشى الدنيا لتبقى الروح في رحلة لا حدود لها. 

لم يكن صوته مجرد نوتات، بل كان جسراً يذيبك عشقاً في الذات الإلهية، بلا قيود ولا حدود.

رحل أمس الشيخ حويلي، الصوت الذي اختار طريقاً مختلفةً، من دفع أثماناً باهظة نتيجة خياراته الجريئة، بعد أن انتقل من قراءة العزاء إلى الإنشاد الصوفيّ، فوجد نفسه في مواجهة مع سهامٍ من اتهاماتٍ لا تنتهي.

 

المنشد أحمد حويلي. (فايسبوك)
المنشد أحمد حويلي. (فايسبوك)

 

تمتّع بصوتٍ منفرد لا يختلف على جماله محبّوه ومنتقدوه. غنّى لكبار الصوفية كابن الفارض والرومي وابن عربي ورابعة العدوية، رثى الحُسين والعبّاس بصوتٍ لطالما أبكاني أكثر من أيّ عزاء تقليديّ. وجسّد معاناة زينب بأصدق صورة حين رتّل "أخي هل صهوة الأرماح أرأف فيك من بدني".

كان يحوّل مسارح "دوار الشمس" و"اليسوعية" إلى فضاءات بلا جدران، حيث يذوب العشّاق والمفكرون والمؤمنون ومحبّو التصوف والشعر في رحلة تتخطى الزمن والواقع والمكان. في صوت أراد أن يثبت أن الفن سبيل إلى الروح وعابر للزواريب الضيّقة، فيغوص في الأبيات كأنه مسافرٌ عبر الزمن، ويصحبك معه بعيداً عن فوضى الواقع وتعقيداته.

حمل شغف الحلاج والتبريزي حتى رماه البعض باتهامات لا تخلو من التكفير جراء النقلة غير التقليدية التي جعلته عرضة للنقد.

مع ذلك، ظلّ يرتّل بإصرار "تراتيله الأخيرة"، على الرغم من الانقطاعات التي فرضها المرض الذي لازمه سنوات وانتهى برحيله، جامعاً بين الإنسان والحب والله، قبل أن يرحل بهدوء تاركاً صوته طريقاً نحو المطلق والطمأنينة ومعزوفة للتفكّر، شاهداً على أن الفن سبيلٌ حقٌ، وأن الاختلاف مشروعٌ، والحريّةَ مقدّسةٌ، ولكلٍ طريقه. 

أختم بما قال حافظ الشيرازي في ديوانه: "متى ما تلقى من تهوى، دع الدنيا وأهملها".

حكاية حويلي قصة إنسان عاش صراعاً ليجسّد ما يشبهه من الفن والدين، متجاوزاً القوالب التقليدية. لذا سيبقى اسمه حاضراً في ذاكرة جمهوره، ومن أحبّه، والمسارح شاهدة على تجربته الفريدة.

أمّا صوته فسيبقى طريقاً للوصول إلى اللّه والحبّ والإنسان والفن، وسيبقى يصدح بأنّ "الله مع العاشقين دوماً".

 

 

 

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/30/2025 9:09:00 AM
العميد أحمد الدالاتي قائد أمن ريف دمشق تابع بشكل مباشر قضية حمزة
المشرق-العربي 12/30/2025 5:55:00 PM
إطلاق نار كثيف قرب قصر الشعب والمزّة 86 في دمشق، مع أنباء غير مؤكدة عن عملية اغتيال.
المشرق-العربي 12/30/2025 8:12:00 PM
شقيق أبو عبيدة يكشف تفاصيل عن اشتباك خاضه الناطق السابق باسم القسام في شمال غزة
اقتصاد وأعمال 12/29/2025 5:34:00 AM
"بات من مصلحة المكلفين التصريح عن مداخيلهم وتسديد الضرائب ضمن المهل القانونية، تفاديا لرفع السرية المصرفية عن حساباتهم"