بيروت في مرآة الذاكرة: نادر سراج يسرد حكاية مدينة معلّقة بين الهوية والحداثة

ثقافة 30-06-2025 | 12:24

بيروت في مرآة الذاكرة: نادر سراج يسرد حكاية مدينة معلّقة بين الهوية والحداثة

جولة سردية - بصرية، عبر ممرات بيروت، أزقتها، شوارعها، وأسرارها.
بيروت في مرآة الذاكرة: نادر سراج يسرد حكاية مدينة معلّقة بين الهوية والحداثة
جانب من اللقاء.
Smaller Bigger

في أمسيةٍ حملت عبق الذاكرة ووهج الحنين، التأمت قلوب العشاق الحقيقيين لبيروت، في لقاءٍ أدبيٍّ ثقافيٍّ نظّمته جمعية "تراث بيروت" بالتعاون مع جمعية "السبيل"، مساء الخميس 26 حزيران /يونيو، في رحاب "المكتبة العامة لبلدية بيروت" في مونو.
كان الحضور على موعد مع قراءةٍ في كتاب "بيروت، جدل الهوية والحداثة" للباحث والأكاديمي الدكتور نادر سراج، الذي اصطحبه في جولة سردية - بصرية، عبر ممرات المدينة، أزقتها، شوارعها، وأسرارها، في رحلةٍ تمزج بين البعد التاريخي والبعد الإنساني.

وقف سراج أمام الحضور، لا كباحثٍ يسرد وقائع، بل كعاشقٍ يتلو سِفْر مدينةٍ يحفظها عن ظهر قلب. لم يكن الحديث عن بيروت عرضًا لصور وأحداث، بل تقصٍّ بصريٌّ ولسانيٌّ عميق لوجهها، لأهلها، لحجارتها التي لاتزال تنبض بالحكايات.

استهل سراج حديثه من "درج مدرسة الصنائع"، الذي مرّ عليه طلاب وأساتذة وشخصيات طبعت الذاكرة البيروتية، ليحكي كيف بناها العثمانيون ذات زمن، كمؤسسة للعلم وللنهضة. ومن هناك انتقل إلى "قصر الصنوبر"، ذاك الصرح الذي شيّده الفرنسيون على الطراز الباريسي ليحاكي "كازينيو دو فيل" في قلب فرنسا، جامعاً في تكوينه بين الرفاه والسلطة ورمزية الانتداب.

 

غلاف الكتاب.
غلاف الكتاب.

 

لكن سراج لم يكتف بالوقوف عند الأبنية والمعالم؛ كانت نزهته الأدبية والتوثيقية أكثر عمقاً. عرج على الأحياء الراقية والأسواق الشعبية، ليلتقط من كل زاوية نبضاً، ومن كل حارة همساً. تحدث عن "أفينو دو فرانسيه" البحرية  أو جادة الفرنسيين التي ارتبطت لدى البيروتيين بالـ"كزدورة أو التمشايي"، التي طُمس حضورها قسراً، كما طُمست معالم كثيرة من الذاكرة البيروتية، في محاولات لتغيير وجه المدينة.

بعينٍ ناقدة ونفسٍ عاشق، تسلّل إلى تفاصيل التفاصيل، إلى الملامح المنسية، إلى هوية الأشخاص الذين شكّلوا نبض المدينة، وخرج بقصة مدينةٍ ليست مجرّد حجارة وأبنية، بل كائن حيّ يتنفس من تراثه ويتشكّل في حداثته.

لم يكن سراج مؤرخاً بالمفهوم الكلاسيكي، بل بدا كـ"عين الماضي"، تلك التي تحدّق جيداً في ذاكرةٍ تم تشويهها بالحروب والخرائط والمصالح. أما الحاضرون، فغادروا الندوة محمّلين بأسئلةٍ وانبهارات، وحنينٍ أوجع القلب، كأن بيروت - بكلّ تفاصيلها - حضرت في المكتبة، ناطقةً بصوت حجارتها ووجوه أبنائها.

في زمن تتلاشى فيه الملامح وتبهت فيه الهوية، تأتي كتبٌ مثل "بيروت، جدل الهوية والحداثة" لتذكّرنا بأننا لا نعيش في مدينةٍ عادية، بل في ذاكرةٍ تمشي على إسفلت، مدينةٍ تتوارى لتُكتشف من جديد، في الصور، وفي الكلمات، وفي العيون التي لاتزال تعرف كيف تنظر إلى الوراء لتصنع غداً أكثر صدقاً.

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.
اقتصاد وأعمال 12/11/2025 10:44:00 AM
تكمن أهمية هذا المشروع في أنه يحاول الموازنة بين 3 عوامل متناقضة: حاجات المودعين لاستعادة ودائعهم بالدولار الحقيقي، قدرة الدولة والمصارف على التمويل، وضبط الفجوة المالية الهائلة التي تستنزف الاقتصاد