الجنوبيون في مهبّ رياح التجاهل الرسمي!

منبر 17-10-2025 | 08:57

الجنوبيون في مهبّ رياح التجاهل الرسمي!

 في الوقت الذي يعيش فيه الجنوب اللبناني، ولا سيما القرى الحدودية، تحت نيران الاعتداءات اليومية من الاحتلال الإسرائيلي، يعيش أبناؤه في أرضهم المدمّرة وبيوتهم المتصدعة، لا يحملون سوى إرادة الصمود وزرع الأمل في تربة الوطن.
الجنوبيون في مهبّ رياح التجاهل الرسمي!
الحدود اللبنانية
Smaller Bigger

عبدالله ناصرالدين


في الوقت الذي يعيش فيه الجنوب اللبناني، ولا سيما القرى الحدودية، تحت نيران الاعتداءات اليومية من الاحتلال الإسرائيلي، يعيش أبناؤه في أرضهم المدمّرة وبيوتهم المتصدعة، لا يحملون سوى إرادة الصمود وزرع الأمل في تربة الوطن. هؤلاء لم ينتظروا كثيراً، فمنذ توقف العمليات العسكرية عادوا ليحرثوا الأرض ويرمموا ما يمكن ترميمه، وليبنوا ما استطاعوا إليه سبيلاً. لكن الغريب والمخجل في آن أن الدولة اللبنانية لم تبادر حتى الآن  بكلمة "مرحبا"، ولا بخطة إغاثة أو دعم جدّية كما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري.

 في خضم هذه العودة الشجاعة، أطلقت وزارة الزراعة مشروعاً طموحاً بعنوان GATE (Green Agri Transformation for Economic Recovery)، بتمويل من البنك الدولي بقيمة تقارب الـ 200 مليون دولار أميركي، وهو يهدف إلى دعم المزارعين اللبنانيين وتحفيز الاقتصاد الزراعي، عبر تقديم الدعم التقني والمالي واللوجستي لشريحة واسعة من المزارعين، بما في ذلك تمويل مشاريع إنتاجية صغيرة ومتوسطة، وهو مشروع استراتيجي عمِل وزير الزراعة السابق الدكتور عباس الحاج حسن جاهداً من أجل تحقيقه، وها هو اليوم يبصر النور على يد الوزير النشيط الدكتور نزار هاني.
  وفق ما أعلنته الوزارة، يُركّز المشروع على تعزيز سلسلة القيمة الزراعية، دعم الممارسات المستدامة، وتطوير البنية التحتية الريفية الزراعية، كما يتضمن تقديم مساعدات مباشرة للمزارعين ومربي المواشي، إضافة إلى تطوير آليات التسويق والتصدير، وهو بلا شك مشروع وطني بالغ الأهمية.
  لكن أين الجنوب من هذا المشروع؟
 هل يُعقل أن تُبنى رؤية وطنية للتنمية الزراعية دون تخصيص أو تمييز إيجابي للجنوب اللبناني الذي يتعرض بشكل يومي لأشرس أنواع الحصار العسكري والنفسي والاقتصادي؟  
 هل من المنطقي أن يُنظر إلى الجنوب كما يُنظر إلى مناطق تنعم بالأمان والاستقرار؟  
 أليس من البديهي – والأخلاقي – أن تُمنح المناطق الحدودية، التي تشكّل خط الدفاع الأول عن لبنان، أولوية استثنائية في الدعم الزراعي والإنمائي؟
 من غير المقبول أن يتم تجاهل القرى الجنوبية الحدودية من الاستفادة الحقيقية من مشروع GATE في حين أن أبناء هذه الأرض يخاطرون يومياً بحياتهم من أجل حمايتها، بل يقومون بزراعتها في ظروف أشبه بالمستحيلة.
إن ما يطلبه الجنوبيون ليس منّة من أحد، بل هو حقهم المشروع في أن يكونوا على رأس المستفيدين من أي مشروع زراعي أو تنموي يُطلق في لبنان، ولا سيما حين يكون ممولاً من جهات دولية، وتحت عنوان "التعافي الاقتصادي" لأن من لا أمان له ولا استقرار، لا يمكن أن يتعافى من دون دعم مباشر.
 على أمل أن تضع الحكومة  سلسلة من الإجراءات الحقيقية في آليات الإنماء المتوازن المعتمدة، بالإضافة إلى جدول أولويات وطنية  للنظر في آلية التوزيع والاستهداف، وأن يُنصفوا أبناء الجنوب. فهؤلاء لا يطلبون امتيازات، بل الحد الأدنى من العدالة والاعتراف بأنهم – رغم كل شيء – ما زالوا في الصف الأول دفاعاً عن لبنان وزراعته.


 المقاربة الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الاعلامية

    
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.
اقتصاد وأعمال 12/11/2025 10:44:00 AM
تكمن أهمية هذا المشروع في أنه يحاول الموازنة بين 3 عوامل متناقضة: حاجات المودعين لاستعادة ودائعهم بالدولار الحقيقي، قدرة الدولة والمصارف على التمويل، وضبط الفجوة المالية الهائلة التي تستنزف الاقتصاد