من أوشعنا إلى اصلبه – تأملات في ألم الخلاص ورجاء القيامة

منبر 15-04-2025 | 10:05

من أوشعنا إلى اصلبه – تأملات في ألم الخلاص ورجاء القيامة

في طريقه نحو أورشليم، خرج يسوع من بيت عنيا. لم تكن خطواته تبحث عن الطريق فقط، بل كانت عيونه تمعن النظر في القلوب، في ثمار التوبة، لا في أوراق المظاهر.رأى من بعيد تينة مورقة، تُوحي بالحياة، لكنها خالية من الثمر. فتوجّه إليها بكلمة حاسمة:"لا يأكل أحد منك ثمراً بعد إلى الأبد" (مرقس ١١: ١٤).
من أوشعنا إلى اصلبه – تأملات في ألم الخلاص ورجاء القيامة
ثمارٌ للساعة الأخيرة: بين أوراق التين وصليب الخلاص
Smaller Bigger
الخوري فادي سمير  سميا

في طريقه نحو أورشليم، خرج يسوع من بيت عنيا. لم تكن خطواته تبحث عن الطريق فقط، بل كانت عيونه تمعن النظر في القلوب، في ثمار التوبة، لا في أوراق المظاهر.
رأى من بعيد تينة مورقة، تُوحي بالحياة، لكنها خالية من الثمر. فتوجّه إليها بكلمة حاسمة:
"لا يأكل أحد منك ثمراً بعد إلى الأبد" (مرقس ١١: ١٤).
هذه العبارة لم تكن غضبًا عابرًا، بل موقفًا نبويًا وتعليميًا. يسوع لم يكن يطلب طعامًا، بل انتظارًا لثمار حقيقية من قلب الإنسان: توبة، تجدد، واستعداد للسير في طريق الحياة.
لقد أراد أن يعلّمنا أن ما يطلبه الرب ليس فقط الشكل، بل الجوهر. لا يكفي أن نُظهر الحياة… لا بد أن نحياها فعلاً.
بعدها، دخل إلى الهيكل. وإذا بالمكان، الذي يُفترض أن يكون بيت صلاة، يتحوّل إلى سوق مصالح وأطماع. وهناك، بدل أن يستقبلوه بإيمان أو خشوع، جُوبه بأسئلة تشكيك ومراوغة:
"بأي سلطان تفعل هذا؟ ومن أعطاك هذا السلطان؟" (مرقس ١١: ٢٨).
لم تكن هذه الأسئلة بحثًا عن الحقيقة، بل محاولة للتهرب منها، حفاظًا على سلطة ومكانة، حتى وإن كان الثمن رفض حضور الله نفسه!
في هذا المشهد، يسوع كان جائعًا… لا إلى الخبز، بل إلى النفوس. إلى بشر يقولون: "ها نحن لك"، لا إلى أوراق تخدع ولا تُشبِع.
واليوم، وبعد ألفي عام، يتكرّر المشهد بصيغ مختلفة.
البشرية تكتظ بالأوراق: فعاليات، مبادرات، عبارات… لكنها تفتقر إلى الثمر الذي يبحث عنه الله: التوبة، الإيمان، والحب الحقيقي.
وفي قلب كل واحد منّا، تصعد مشاعر التردّد:
هل أنا هذا القلب الذي يُرضي الرب؟
هل فيّ نبض الحياة الإلهية؟
هل سمع صوتي يقول له بصدق: "أنا لك، حتى لو الطريق معك هي طريق الصليب؟ و انت هو الطريق و الحقّ و الحياة.
يسوع لا يزال يمرّ. لا في المدن المقدسة فقط، بل في شوارعنا، في صمت كنائسنا، في دموع المتألمين، وفي جوع العالم للمعنى.
هو يبحث عن ثمار التوبة، لا عن الطقوس. عن قلب صادق يقول له: "آمنت بك، حتى ولو الطريق محفوفة بالوجع."
يُذكّرنا الإنجيل:
"كل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تُقطع وتُلقى في النار" (متى ٧: ١٩).
ليست هذه كلمات تهديد، بل دعوة للتوبة. إنذار حبّ، لا وعيد غضب.
في زمن الألم، تُولد أعظم ثمار الخلاص… والسؤال المطروح على أبواب الفصح: هل نسمح أن نكون إحدى هذه الثمار؟
في بداية اسبوع الآلام، نرفع باسم البشرية فعل توبة ينبض برجاء:
يا رب الحياة، نقف أمامك كأرض عطشى، كأشجار مليئة بالأوراق وخالية من الثمر.
اغفر لنا مظاهرنا، وخوفنا من الحقيقة، وجمود قلوبنا.
تقدّم إلينا من جديد، يا من عبرت أورشليم لتفدينا،
وها نحن نفتح لك أبوابنا، نطلب وجهك، ونقول:
"خذ قلبنا اليابس، وازرع فيه توبتك.
اجعلنا ثمارًا تليق بمجدك،
ولو كان الطريق نحوك معبّداً بالصليب." آمين.
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.
اقتصاد وأعمال 12/11/2025 10:44:00 AM
تكمن أهمية هذا المشروع في أنه يحاول الموازنة بين 3 عوامل متناقضة: حاجات المودعين لاستعادة ودائعهم بالدولار الحقيقي، قدرة الدولة والمصارف على التمويل، وضبط الفجوة المالية الهائلة التي تستنزف الاقتصاد