استراتيجية ترامب 2025: أميركا تدخل مرحلة جديدة... وأوروبا تدفع الثمن

آراء 09-12-2025 | 01:50

استراتيجية ترامب 2025: أميركا تدخل مرحلة جديدة... وأوروبا تدفع الثمن

البعد الأخطر في هذه الاستراتيجية الأميركية يظهر في الموقف من الأمن الأوروبي...
استراتيجية ترامب 2025: أميركا تدخل مرحلة جديدة... وأوروبا تدفع الثمن
لم تعد واشنطن مستعدة لتحمّل كلفة حماية أوروبا (أ ف ب)
Smaller Bigger

كشفت إدارة الرئيس ترامب يوم السادس من كانون الأول/ ديسمبر 2025 وثيقة الأمن القومي في توقيت صعب. بدا واضحاً أن واشنطن تدخل مرحلة مختلفة تماماً عن تلك التي عرفها العالم خلال العقود الماضية.

فالاستراتيجية الجديدة لا تعيد ترتيب الأولويات فحسب، بل ترسم ملامح تحول كامل في طبيعة الدور الأميركي، من دولة تتدخل وتغيّر الأنظمة، إلى دولة تضع أمنها القومي فوق كل اعتبار، حتى لو كان الثمن تخلّيها عن أدوار تاريخية لعبتها منذ الحرب العالمية الثانية.

 

الوثيقة الجديدة تأتي تحت شعار أميركا أولاً (أ ف ب)
الوثيقة الجديدة تأتي تحت شعار أميركا أولاً (أ ف ب)

الوثيقة الجديدة، التي تأتي تحت مظلة شعار "أميركا أولاً"، تعلن بوضوح أن زمن التدخلات العسكرية البعيدة قد انتهى. فلا حديث عن بناء ديموقراطيات في الخارج، ولا عن حماية النظام الدولي الليبرالي، ولا عن دور "الشرطي العالمي".

تظهر الوثيقة قلقاً عميقاً إزاء التحولات الديموغرافية في أوروبا. فالإدارة الأميركية تتحدث هذه المرة عن "احتمال اندثار حضاري" داخل القارة، وهي لهجة غير مسبوقة في وثيقة أمن قومي أميركية.

ترى واشنطن أن سياسات الهجرة الأوروبية، والقيود المفروضة على الخطاب القومي، تقود القارة نحو مسار يجعلها غير قابلة للتعرف خلال 20 عاماً. وفي الوقت الذي تنتقد فيه الإدارة هذا النهج، تبدي إعجاباً واضحاً بما تسميه صعود الأحزاب الوطنية، كأنها تدفع بشكل غير مباشر نحو إعادة تشكيل الساحة السياسية الأوروبية.

لكن البعد الأخطر في هذه الاستراتيجية يظهر في الموقف من الأمن الأوروبي. فبعد عقود من اعتبار القارة جزءاً من المجال الحيوي للولايات المتحدة، تشير الوثيقة بوضوح إلى رغبة واشنطن في تقليص وجودها العسكري وتخفيف التزاماتها التقليدية في إطار الناتو.

لم يعد الدفاع عن أوروبا أولوية، ولم تعد واشنطن مستعدة لتحمّل أكلاف حماية القارة من دون مقابل مباشر. وهذا يعني عملياً أن أوروبا تدخل مرحلة "ما بعد اليقين الأمني"، بحيث تصبح مسؤولية دفاعها عن نفسها أكبر من أي وقت مضى.

يتزامن هذا الانسحاب التدريجي مع إعادة توزيع الموارد الأميركية نحو نصف الكرة الغربي، حيث ترى واشنطن أن المنافسة مع الصين وروسيا أكثر أهمية من الصراع في أوروبا. وفي الخلفية، يتراجع دور الاستخبارات الأميركية في العمليات الخارجية وتغيير الأنظمة، لصالح التركيز على حماية الحدود، مكافحة التهريب، ورصد التدخلات الأجنبية داخل الولايات المتحدة نفسها.

في هذا المشهد، تجد أوروبا نفسها مكشوفة أمام روسيا من جهة، ومقسمة داخلياً من جهة أخرى، بفعل صعود اليمين، الخلافات على الهجرة، وتراجع الثقة داخل الاتحاد الأوروبي. وبينما تنسحب واشنطن خطوة إلى الخلف، تقترب موسكو خطوة إلى الأمام، مستفيدة من الفراغ الاستراتيجي.

إن استراتيجية ترامب 2025 ليست مجرد وثيقة رسمية، بل إعلان عن نهاية مرحلة وبداية أخرى. أميركا تنكفئ إلى الداخل، وأوروبا تترك وحيدة أمام تحديات تتجاوز قدراتها الحالية. إنها لحظة تحول كبرى يعاد فيها رسم ميزان القوى العالمي… انطلاقاً من واشنطن، لكن تأثيرها الأكبر سيظهر في القارة العجوز.

*باحث في الأمن الدولي والإرهاب

-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/8/2025 10:41:00 AM
فر الأسد من سوريا إلى روسيا قبل عام عندما سيطرت المعارضة بقيادة الرئيس الحالي الشرع على دمشق
النهار تتحقق 12/8/2025 10:43:00 AM
الصورة عتيقة، وألوانها باهتة. وبدا فيها الرئيس السوري المخلوع واقفا الى جانب لونا الشبل بفستان العرس. ماذا في التفاصيل؟ 
النهار تتحقق 12/8/2025 2:57:00 PM
الصورة حميمة، وزُعِم أنّها "مسرّبة من منزل ماهر الأسد"، شقيق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. ماذا وجدنا؟ 
أثار سكنه في شقة بتكلفة 2300 دولار شهرياً انتقادات من خصومه الذين يعتقدون أن راتبه كعضو في جمعية ولاية نيويورك ودخل زوجته يسمحان للزوجين بالسكن في شقة أفضل.