‎في يوم الطفل العالمي، لا نصوغ كلمات احتفالية عابرة، بل نرفع موقفاً واضحاً نؤمن به كقضية جوهرية: لبنان لن يستعيد عافيته ما لم يبنِ دولة ترى الطفل أولوية لا تفصيلاً، ومستقبلاً لا عبئاً، وصاحب حق لا موضوع نقاش.

‎نقف اليوم أمام أحد أعمق اختبارات الإنسانية: هل نسمح للطفولة أن تختصر بالأزمات وأن تكون مشروع نجاة؟ أم نقاتل كي تبقى الطفولة طفولة ترسم معالم المستقبل.  

‎نصدر هذا العدد المشترك مع اليونيسف عن قناعة راسخة بأن حقوق الطفل ليست شعارات أممية، بل شروط حياة:

حق في تعليم نوعي يكون سلّماً لا قفصاً، وحق في صحة ورعاية لا يحدّهما الانهيار، وحق في أمان نفسي واجتماعي لا يتصدّع تحت وطأة الحرب أو الفقر أو التهميش، وحق في السلام واللعب والخيال والحلم...

أطفالنا اليوم ليسوا متلقّين صامتين؛ لديهم رأي، وفضول، ووعي منفتح على العالم. ولذلك، تقع علينا مسؤولية أن نقدّم لهم نماذج يحتذى بها.

‎هذه المرة لم نكتب عن الأطفال فقط… بل كتبنا معهم. دعوناهم إلى غرف التحرير في "النهار" ليجلسوا إلى الطاولة نفسها التي نناقش فيها أولويات المجتمع، واستمعنا إلى أسئلتهم، وتابعنا دهشتهم قبل آرائهم، وأشركناهم في الحلقات الحوارية عبر منصّاتنا الرقمية، لأننا نؤمن أنّ من يمتلك السؤال اليوم هو من سيصنع القرار غداً. 

نؤمن أن الطفل الذي يتعلّم أن للكلمة قيمة، سيكبر مواطناً يعرف أن الصوت موقف وليس ضوضاء.
‎إنّ الشراكة مع اليونيسف ليست حدثاً ولا مشروعاً، بل هي تحالف أخلاقي وإنساني طويل الأمد.
‎المنظمة التي تمتلك خبرة الحماية والبرامج الميدانية، تلتقي اليوم مع مؤسسة إعلامية تؤمن أن الوعي العام هو الخطوة الأولى نحو التغيير. وما يجمعنا هو الإيمان بأن لا مستقبل لدولة لا تحمي أطفالها، ولا استقرار لوطن يبني نهضته على جيل مثقل بالجراح.

‎من هنا، نعلن بوضوح: على لبنان أن ينتقل إلى السياسة العامة المستدامة.
‎من البيانات إلى الخطط، ومن إحصاءات الأزمة إلىاستراتيجيات الحل العملية.

‎نطالب اليوم بـ: 
‎-قانون صارم وفعّال لحماية الطفل من العنف، الاستغلال،الإهمال، والابتزاز الرقمي.
‎-تعليم آمن، شامل وعصري يدمج أدوات التكنولوجيا في الصفوف، لا يتوقف مع تعطل الكهرباء أو انهيار العملة.
‎-نظام صحي متكامل يضمن الوقاية والعلاج دون تمييز.
‎ليس الأطفال من يجب أن يثبتوا قدرتهم على الصمود، بل نحن،الدولة والمجتمع، من يجب أن نثبت قدرتنا على عدم خذلانهم.

‎نلتزم في "النهار" ألا تبقى قضايا الطفل على الهامش.
‎لن نكتفي بنشر الأخبار، بل سنبقى نطرح الأسئلة المزعجة، ونسلّط الضوء على الثغرات من دون مجاملة، ونفتح صفحاتنا لكل صوت طفل يرى، يسمع، ويسأل: ‎"أين مكاني في هذا الوطن؟".