مقالات
09-12-2025 | 06:01
حضرموت والمهرة.. معادلة أمنيّة جديدة في الجنوب
حضرموت والمهرة ليستا مجرد محافظتين على هامش المشهد اليمني
يمنيون يتظاهرون في عدن مطالبين باستقلال الجنوب.(قناة عدن المستقلة)
في زحمة العناوين من أوكرانيا إلى غزة، مرّ حدثٌ مفصلي في جنوب الجزيرة العربية. تغيّر إيجابي في ميزان السيطرة بحضرموت والمهرة لمصلحة المجلس الانتقالي الجنوبي. ما جرى هناك ليس تفصيلاً محلياً، بل إعادة رسم للجغرافيا الجيوسياسية على حافة الخليج وباب المندب والمحيط الهندي.
حضرموت والمهرة ليستا مجرد محافظتين على هامش المشهد اليمني؛ بل شريطٌ جغرافي طويل يمتد من تخوم الخليج إلى بحر العرب، يضمّ جزءاً من الثروة النفطية، وسواحل وموانئ، ومساحات ظلّت قابلة لأن تتحول، بحسب من يسيطر عليها، إمّا إلى طرق تهريب أو إلى ممرّات آمنة للتجارة والطاقة. خلال السنوات الماضية، تداخلت ظواهر القرصنة قبالة السواحل الصومالية، وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وشبكات تهريب السلاح والمخدرات، فارتفعت كلفة حماية الخليج والتجارة الدولية.
في هذا الفراغ الأمني تمدّد الإرهاب والتهريب معاً؛ فتحوّل وادي حضرموت إلى بيئة ملائمة لتنظيم "القاعدة" وتنظيمات متطرفة أخرى، وإلى ممرّات لوجستية يستفيد منها الحوثيون وغيرهم. وكلّما اختلّت السيطرة ارتفعت الكلفة الأمنية والاقتصادية: عمليات لمكافحة الإرهاب، وتحويل مسارات السفن حول أفريقيا، وارتفاع كلفة التأمين والنقل وأسعار السلع عالمياً.
هنا تندرج عمليات مكافحة الإرهاب التي نفّذتها القوات الجنوبية: «سهام الشرق» في أبين أواخر 2022، ثم «سهام الجنوب» في شبوة، وصولاً إلى عملية «المستقبل الواعد» في حضرموت والمهرة نهاية 2025؛ مسار متدرّج لملء الفراغ الأمني في الجنوب بقوة محلية منظّمة، تملك سجلاً في مكافحة الإرهاب وضبط خطوط التهريب، وتقدّم نفسها كقوة أمن ونظام.
من زاوية أمن الخليج، يمثّل هذا التغيّر نقطة تحوّل. فوجود سلطة أمنية جنوبية موحّدة تمتد من عدن حتى حدود المهرة يعني تضييق الخناق على التهريب الذي يغذّي الحروب في الشمال، وتقليص حركة التنظيمات المتطرفة بين الجبال والصحراء والسواحل، وتعزيز حماية المنشآت النفطية وخطوط الإمداد والطرق البرية. أمّا بحرياً، فإن تأمين هذا الشريط الساحلي يعزّز استقرار باب المندب وخطوط الملاحة بين قناة السويس والمحيط الهندي، وهي شرايين لاقتصادات الخليج وأوروبا وآسيا.
سياسياً، لا يُقدَّم مشروع المجلس الانتقالي الجنوبي بوصفه مشروع انتصار على خصومه، بل بوصفه مشروع استعادة دولة جنوبية؛ وهذا – مهما تباينت المواقف منه – يظل شأناً داخلياً يمنياً يقرّره شعب الشمال والجنوب، مع ما يمكن أن يواكبه من أدوار دعم ووساطة إقليمية ودولية. المهم اليوم أن الجنوب، بثقله العسكري والتنظيمي، أصبح حقيقة ميدانية لا يمكن تجاوزها في أي تسوية مقبلة، وأن معادلة الشرعية يُعاد تعريفها اليوم انطلاقاً ممن يحمي الأرض والناس، لا ممن يحمل الختم فقط.
على مستوى الصورة الأوسع، يتزامن هذا التحول مع استراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة التي تعلن أن الشرق الأوسط لم يعد مركز الثقل الأول في السياسة الخارجية، وأن على الأقاليم تحمل مسؤولية أكبر عن أمنها. وفي الوقت نفسه تمضي دول الخليج نحو بناء منظومة دفاعية مشتركة، ما يجعل وجود شريك موثوق على الضفة الجنوبية من الجزيرة العربية، بعقيدة واضحة في مكافحة الإرهاب ورفض التخادم مع "الإخوان" و"الحوثيين" و"القاعدة" و"داعش"، عنصراً مكمِّلاً لأي هندسة أمنية خليجية جديدة.
مع عملية "المستقبل الواعد" وتأمين حضرموت والمهرة، لم يعد السؤال: من يرفع أي علم فوق أي مبنى؟ بل: من يغلق فعلياً ممرات التهريب؟ من يطارد الخلايا الإرهابية في الأودية والصحارى؟ ومن يجعل باب المندب وبحر العرب أقل هشاشة أمام المغامرات والصواريخ والقراصنة؟ الإجابة الميدانية تقول إن المجلس الانتقالي الجنوبي أصبح اليوم القوة الأبرز على الأرض في جنوب اليمن، بما يعزّز أمن الخليج والممرات البحرية والتجارة العالمية، ويحوّل الجنوب إلى عامل استقرار أكثر منه مصدر هشاشة.
تأمين حضرموت والمهرة ليس مجرد تبدل ألوان على خريطة سياسية، بل بداية تشكّل جنوب مختلف: أكثر قدرة على فرض الأمن، أوضح في خياراته، وأقرب إلى مصالح الخليج والعالم في استقرار البحر والبر معاً.
حضرموت والمهرة ليستا مجرد محافظتين على هامش المشهد اليمني؛ بل شريطٌ جغرافي طويل يمتد من تخوم الخليج إلى بحر العرب، يضمّ جزءاً من الثروة النفطية، وسواحل وموانئ، ومساحات ظلّت قابلة لأن تتحول، بحسب من يسيطر عليها، إمّا إلى طرق تهريب أو إلى ممرّات آمنة للتجارة والطاقة. خلال السنوات الماضية، تداخلت ظواهر القرصنة قبالة السواحل الصومالية، وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وشبكات تهريب السلاح والمخدرات، فارتفعت كلفة حماية الخليج والتجارة الدولية.
في هذا الفراغ الأمني تمدّد الإرهاب والتهريب معاً؛ فتحوّل وادي حضرموت إلى بيئة ملائمة لتنظيم "القاعدة" وتنظيمات متطرفة أخرى، وإلى ممرّات لوجستية يستفيد منها الحوثيون وغيرهم. وكلّما اختلّت السيطرة ارتفعت الكلفة الأمنية والاقتصادية: عمليات لمكافحة الإرهاب، وتحويل مسارات السفن حول أفريقيا، وارتفاع كلفة التأمين والنقل وأسعار السلع عالمياً.
هنا تندرج عمليات مكافحة الإرهاب التي نفّذتها القوات الجنوبية: «سهام الشرق» في أبين أواخر 2022، ثم «سهام الجنوب» في شبوة، وصولاً إلى عملية «المستقبل الواعد» في حضرموت والمهرة نهاية 2025؛ مسار متدرّج لملء الفراغ الأمني في الجنوب بقوة محلية منظّمة، تملك سجلاً في مكافحة الإرهاب وضبط خطوط التهريب، وتقدّم نفسها كقوة أمن ونظام.
من زاوية أمن الخليج، يمثّل هذا التغيّر نقطة تحوّل. فوجود سلطة أمنية جنوبية موحّدة تمتد من عدن حتى حدود المهرة يعني تضييق الخناق على التهريب الذي يغذّي الحروب في الشمال، وتقليص حركة التنظيمات المتطرفة بين الجبال والصحراء والسواحل، وتعزيز حماية المنشآت النفطية وخطوط الإمداد والطرق البرية. أمّا بحرياً، فإن تأمين هذا الشريط الساحلي يعزّز استقرار باب المندب وخطوط الملاحة بين قناة السويس والمحيط الهندي، وهي شرايين لاقتصادات الخليج وأوروبا وآسيا.
سياسياً، لا يُقدَّم مشروع المجلس الانتقالي الجنوبي بوصفه مشروع انتصار على خصومه، بل بوصفه مشروع استعادة دولة جنوبية؛ وهذا – مهما تباينت المواقف منه – يظل شأناً داخلياً يمنياً يقرّره شعب الشمال والجنوب، مع ما يمكن أن يواكبه من أدوار دعم ووساطة إقليمية ودولية. المهم اليوم أن الجنوب، بثقله العسكري والتنظيمي، أصبح حقيقة ميدانية لا يمكن تجاوزها في أي تسوية مقبلة، وأن معادلة الشرعية يُعاد تعريفها اليوم انطلاقاً ممن يحمي الأرض والناس، لا ممن يحمل الختم فقط.
على مستوى الصورة الأوسع، يتزامن هذا التحول مع استراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة التي تعلن أن الشرق الأوسط لم يعد مركز الثقل الأول في السياسة الخارجية، وأن على الأقاليم تحمل مسؤولية أكبر عن أمنها. وفي الوقت نفسه تمضي دول الخليج نحو بناء منظومة دفاعية مشتركة، ما يجعل وجود شريك موثوق على الضفة الجنوبية من الجزيرة العربية، بعقيدة واضحة في مكافحة الإرهاب ورفض التخادم مع "الإخوان" و"الحوثيين" و"القاعدة" و"داعش"، عنصراً مكمِّلاً لأي هندسة أمنية خليجية جديدة.
مع عملية "المستقبل الواعد" وتأمين حضرموت والمهرة، لم يعد السؤال: من يرفع أي علم فوق أي مبنى؟ بل: من يغلق فعلياً ممرات التهريب؟ من يطارد الخلايا الإرهابية في الأودية والصحارى؟ ومن يجعل باب المندب وبحر العرب أقل هشاشة أمام المغامرات والصواريخ والقراصنة؟ الإجابة الميدانية تقول إن المجلس الانتقالي الجنوبي أصبح اليوم القوة الأبرز على الأرض في جنوب اليمن، بما يعزّز أمن الخليج والممرات البحرية والتجارة العالمية، ويحوّل الجنوب إلى عامل استقرار أكثر منه مصدر هشاشة.
تأمين حضرموت والمهرة ليس مجرد تبدل ألوان على خريطة سياسية، بل بداية تشكّل جنوب مختلف: أكثر قدرة على فرض الأمن، أوضح في خياراته، وأقرب إلى مصالح الخليج والعالم في استقرار البحر والبر معاً.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
المشرق-العربي
12/8/2025 10:41:00 AM
فر الأسد من سوريا إلى روسيا قبل عام عندما سيطرت المعارضة بقيادة الرئيس الحالي الشرع على دمشق
النهار تتحقق
12/8/2025 10:43:00 AM
الصورة عتيقة، وألوانها باهتة. وبدا فيها الرئيس السوري المخلوع واقفا الى جانب لونا الشبل بفستان العرس. ماذا في التفاصيل؟
النهار تتحقق
12/8/2025 2:57:00 PM
الصورة حميمة، وزُعِم أنّها "مسرّبة من منزل ماهر الأسد"، شقيق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. ماذا وجدنا؟
الولايات المتحدة
12/8/2025 7:52:00 PM
أثار سكنه في شقة بتكلفة 2300 دولار شهرياً انتقادات من خصومه الذين يعتقدون أن راتبه كعضو في جمعية ولاية نيويورك ودخل زوجته يسمحان للزوجين بالسكن في شقة أفضل.
نبض