الجزائر على خريطة الفاتيكان: لماذا يرغب البابا في زيارتها؟
في عنابة الجزائرية، تقف بازيليكا القديس أوغستين شامخة، شاهدة على التعايش التاريخي بين الحضارة الإسلامية والجذور المسيحية الراسخة في البلاد. هنا عاش القديس المفكّر والمؤلف، الذي أصبح رمزاً للتنوّع الثقافي والتلاقي بين الحضارات، ما يفسر اهتمام البابا لاوون الرابع عشر العميق بالجزائر ورغبته في زيارتها، بل أكثر من ذلك، فقد قدّم نفسه غداة اعتلائه عرش الفاتيكان على أنه "الابن الروحي للقديس أوغستين".
هذه الرغبة الجامحة لدى البابا في زيارة الجزائر قابلتها العديد من التساؤلات حيال الخلفيات التي جعلته يولي هذا الاهتمام ببلد عربي أفريقي لم يذكر غيره بهذا الزخم المعرفي من قبل.

وتقول الباحثة الفخرية وعالمة الآثار الجزائرية صباح فردي، لـ"النهار"، إن أسباباً عدة دفعت بالبابا لاوون الرابع عشر إلى وصف نفسه بالابن الروحي للقديس أوغستين في خطابه الأول، المرتكز على البنوّة الفكرية والروحية، مؤكدة أن "الهوية الروحية للبابا تعود إلى الرهبنة الأوغستينية القائمة على البُعد العالمي للرسالة البابوية".
وتوضح فردي أن "القديس أوغستين ليس فقط مؤلفاً ومفكراً رئيسياً في العصور القديمة المتأخرة، بل أيضاً دليل على مجتمع متعدد الثقافات، إذ أسهم التلاقي والمواجهة بين الحضارات في صوغ مجتمع غني ومعقّد".
وتضيف: "كانت الجزائر ملتقى للحضارات حيث تعايشت ثقافات مختلفة"، لافتة إلى أن "القديس أوغستين جسّد هذا التنوع بنفسه، لكونه من أصل بربري–روماني، وأصبح أحد أعظم المفكرين المسيحيين"، وتوضح أنه "أدّى دوراً هاماً في العلاقات الاجتماعية والفكرية بين شمال أفريقيا وروما، وأسهم في الروابط بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط من خلال تبادل الأفكار والمراسلات المكثفة مع رجال الدين والمثقفين في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية، ما عزز الروابط بين الكنيسة الأفريقية وروما".
نبض