تتسارع الخطوات السياسية في العراق مع استكمال انتخاب رئاسة مجلس النواب العراقي، في مشهد يعكس حجم التفاهمات التي سبقت الجلسة الأولى للدورة السادسة، ولا سيما داخل البيت السني وبالتنسيق مع القوى السياسية الأخرى؛ إذ إن انتخاب هيبت الحلبوسي رئيساً للبرلمان من الجولة الأولى مثّل مدخلاً لمرحلة تفاوضية أوسع تتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة وتوزيع الاستحقاقات الوزارية، وسط حديث متزايد عن موازين القوى داخل المكوّن السني ودور التحالفات في رسم شكل السلطة التنفيذية المرتقبة.

ويؤكد النائب عن تحالف السيادة عمار عبد الرحمن العزاوي، لـ"النهار"، أن المجلس السياسي الوطني، بصفته تحالفاً سياسياً، ماضٍ في مفاوضاته مع الكتل المختلفة، تمهيداً لمرحلة تشكيل الحكومة وتوزيع الاستحقاقات السياسية والوزارية، معتبراً أن ذلك يُعدّ "حقاً طبيعياً" ضمن العملية السياسية.

وبشأن حصّة المكوّن السني في الحكومة المقبلة، يوضح العزاوي أن عدد الوزارات المتفق عليها حتى الآن هو ست وزارات، مع احتمال ارتفاعها إلى سبع، مؤكداً أن هذا الأمر "لا يزال خاضعاً للنقاشات والاتفاقات السياسية".

ويشير العزاوي إلى أن الحصة الأكبر داخل المكوّن لم تُحسم نهائياً بعد، إلا أنه رجّح أن تكون من نصيب تحالف "عزم"، باعتباره الكتلة الثانية بعد تحالف "تقدّم"، الذي حصل على رئاسة مجلس النواب، وذلك استناداً إلى التفاهمات والاتفاقات القائمة.
وأنهى مجلس النواب العراقي، الاثنين، أولى جلسات دورته السادسة بانتخاب هيبت الحلبوسي رئيساً له، بعد عملية تصويت شهدت مشاركة واسعة.

وشارك في عملية التصويت 309 نواب من أصل أعضاء المجلس، وحصل الحلبوسي، مرشح "المجلس السياسي الوطني" والقيادي في حزب "تقدّم"، على 208 أصوات، مقابل 66 صوتاً للنائب سالم العيساوي، و9 أصوات للنائب عامر عبد الجبار، فيما سُجّلت 26 ورقة باطلة. وبذلك حُسم المنصب من الجولة الأولى، ليقود الحلبوسي البرلمان في واحدة من أكثر المراحل السياسية حساسية.

وجاءت عملية الانتخاب بعد انسحاب رئيس تحالف "العزم" مثنى السامرائي من سباق الترشح، في خطوة وُصفت بأنها مفصلية في ترجيح كفة الحلبوسي. وقال السامرائي، في كلمة ألقاها تحت قبة البرلمان، إن انسحابه جاء "نزولاً عند رغبة زملائنا النواب من المكون السني، واستجابة لرغبة الإخوة في الإطار التنسيقي"، مؤكداً أن "حماية العملية السياسية والمصلحة العامة أهم من أي اعتبارات شخصية".

من جلسة انتخاب رئيس البرلمان العراقي. (أ ف ب)

وتؤكد مصادر سياسية مطلعة، لـ"النهار"، أن انسحاب السامرائي جاء بطلب من قادة في الإطار التنسيقي، وحلفاء له في "المجلس السياسي الوطني"، وفي مقدمتهم خميس الخنجر. وتضيف أن السامرائي تلقى وعوداً بـ"مشاركة دسمة" في الحكومة المقبلة واللجان النيابية.

بدوره، يقول القيادي في تحالف "العزم" عزام الحمداني، لـ"النهار"، إن التحالف "لم يذهب باتجاه شق الصف السني"، لكنه في الوقت نفسه يشير إلى وجود ملاحظات على آليات الترشيح التي جرت. ويضيف أن "العزم" سيواصل العمل لبلورة رؤية وطنية موحدة للمشهد السياسي المقبل.

ويأتي انتخاب الحلبوسي في وقت يواجه البرلمان تحديات كبيرة، تتعلق بإقرار القوانين الخلافية، وممارسة دور رقابي فاعل، ومواكبة تشكيل الحكومة المقبلة، وسط توقعات بأن يكون الأداء البرلماني محكوماً بتوازنات دقيقة بين التوافق السياسي ومتطلبات الشارع العراقي.

وانتخب البرلمان أمس نائباً ثانياً لرئيسه هو فرهاد الأتروشي، ممثلاً الحزب الديموقراطي الكردستاني، بعد ثلاث محاولات فاشلة لملء المنصب.