الشّرع: الدّفاع والأمن والخارجيّة والاقتصاد "غير قابلة للتّجزئة"
أشار الرئيس السوري أحمد الشرع، اليوم الخميس، إلى أنّ "الجغرافية السورية تعيش على بعضها البعض، ويستحيل أن يكون للساحل سلطة قائمة بذاتها منعزلة عن البقية".
وأكد الشرع أن ذكرى انطلاق معركة تحرير سوريا التي تحل اليوم، محطة تاريخية حظيت بترحيب واسع لدى معظم السوريين، رغم وجود شريحة تأثرت بتبعاتها وأخرى استوعبت ضرورتها في إطار الحفاظ على وحدة البلاد وأمنها، مشيراً إلى أن الدولة تدرك أنها ستواصل مواجهة العديد من الاعتراضات والتحديات.
وقال: “لقد شهدنا خلال اليومين الماضيين العديد من المطالب الشعبية المحقة، لكن بعضها كان مسيساً إذا أردنا تسمية الأمور بمسمياتها، وتؤكد الدولة استعدادها الكامل للإصغاء إلى مختلف المطالب ومناقشتها بجدية”.
الرئيس أحمد الشرع خلال مشاركته في اجتماع باللاذقية عبر اتصال فيديو:
— Halab Today TV قناة حلب اليوم (@HalabTodayTV) November 27, 2025
📌سنستمر في مواجهة كثير من الاعتراضات على أنه ليس هناك سلطة متفق عليها بشكل كامل
📌أنا متفهم بأن هناك كثير من المطالب المحقة التي خرج بها الناس خلال اليومين الماضيين وبعضها مسيس
📌الساحل السوري يشكل أولوية… pic.twitter.com/tValtmiAOx
وخلال مشاركته في اجتماع باللاذقية عبر اتصال فيديو، قال الشرع: "إنّ مؤسسات الدفاع والأمن والخارجية والاقتصاد غير قابلة للتجزئة"، مضيفاً: "حتى في الدول الفيدرالية هناك مركزية قوية للمؤسسات السيادية".

ولفت الرئيس السوري إلى أنّ "عنوان الفيدرالية يشبه الإدارة المحلية والقوانين القائمة حالياً في سوريا مع تعديلات بسيطة".
الرئيس #أحمد_الشرع يشارك عبر اتصال فيديو باحتماع ضم محافظ #اللاذقية مع عدد من لجان الأحياء في المدينة على خليفة الأحداث الاخيرة.
— مراقب سوري Syrian Observer (@Syrianobserve1) November 27, 2025
الشرع خاطب الأهالي مؤكداً أهمية دورهم في حماية #السلم_الأهلي والتعاون مع مؤسسات الدولة في هذه المرحلة الحساسة. pic.twitter.com/DJsBYUwJZr
وأوضح الشرع أن “الساحل السوري من أبرز أولويات العمل الوطني في المرحلة الحالية، نظراً لموقعه الحيوي على ممرات التجارة الدولية، ودوره في تعزيز الربط الاقتصادي بين سوريا ودول المنطقة”.
ولفت إلى أن “الساحل السوري يمتلك كافة المقومات التي تعكس تماسك المجتمع السوري، وتؤكد قوة الوحدة الوطنية، كما يشكّل التنوع الاجتماعي والطائفي فيه إثراءً للدولة السورية، وليس موضعاً للنقاش أو الجدل”.
وبيّن الشرع أن “الطروحات المتعلقة بالانفصال أو الفيدرالية، هي غالباً تصدر عن قراءات ضيقة أو نقص في الإلمام السياسي، لأنه حتى في الدول الفيدرالية لديها مركزيات قوية في المؤسسات السيادية، مثل الدفاع والأمن والخارجية والاقتصاد، وهي مؤسسات لا يمكن تجزئتها”، مضيفاً: إن “الجغرافيا السورية مترابطة ومتكاملة، ومن الصعب فصل أي جزء منها عن الآخر، فلا يمكن للساحل أن تكون له سلطة قائمة بذاتها منعزلة عن بقية المناطق، فموارده ترتبط بشكل مباشر مع المنطقة الشرقية، وكذلك العكس، كما أن سوريا بلا منفذ بحري تفقد جزءاً أساسياً من قوتها الاستراتيجية والاقتصادية”.
وأكد أن “التكامل القائم حالياً بين مختلف المناطق السورية، اقتصادياً واجتماعياً، يبرهن أن دعوات التقسيم أو الانفصال تعكس قدراً من الجهل السياسي وعدم الإلمام بواقع الدولة، حتى مفهوم الفيدرالية، الذي يطرحه البعض، لا يختلف من حيث الجوهر عن إطار الإدارة المحلية المعمول به في سوريا، وخاصة قانون رقم 107 الصادر منذ أكثر من 10 أعوام، والذي يتضمن بشكل فعلي كثيراً من المفاهيم المطروحة اليوم مع إمكانية إدخال تعديلات عليه”.
وقال الشرع: “نحن رأس المال لبعضنا البعض، وأي مكوّن يصبح ضعيفاً سيكون عرضة للمشكلات والمخاطر”.
سوريا حققت إنجازات ملموسة رغم التحديات
وأشار الرئيس الشرع إلى إن “سوريا قطعت خلال العام الماضي، ومنذ وصولنا إلى دمشق، خطوات مهمة، وحققت إنجازات ملموسة على مختلف الأصعدة”، رغم ثقل التحديات لأكثر من 60 عاماً وما رافقها من عقوبات وضغوط وتداعيات داخلية وخارجية، إضافة إلى القوانين الاقتصادية البالية والأنظمة الإدارية التي أثبتت سلبيتها لسنوات طويلة.
وأضاف: “نحن اليوم أمام مرحلة تاريخية بدأت منذ لحظة انطلاق المعركة في مثل هذا اليوم من العام الماضي، وهي محطة مفصلية (مفرق طريق) لا تمس سوريا وحدها، بل تمتد آثارها لتشمل المنطقة بأكملها، وفي هذا الظرف، تتجه أنظار العالم إلى سوريا بانتظار انطلاقة جديدة تعيد التوازن والاستقرار”.
وتابع الشرع: “من الضروري أن نفكر بعقلية استراتيجية، ونضع أهدافاً بعيدة المدى، وأن نتخلى عن الرؤى الضيقة التي لا تبني دولاً ولا تضمن استقراراً، تجارب كثيرة في دول شهدت صراعات داخلية أثبتت أن محاولات تقاسم السلطة لا تقود دائماً إلى حلول، بل قد تبقى معلّقة لعقود ويسوء حالها أكثر فأكثر”.
لا بديل عن المشروع الوطني الجامع
وأكد الشرع أن “سوريا تجاوزت مرحلة الخطورة بفضل السياسات التي اتبعتها الدولة، والتفاعل الشعبي والمجتمعي من مختلف أطياف المجتمع السوري”، وقال: “في هذه المرحلة التاريخية، كل فرد في المجتمع هو جزء من صناعة التاريخ وعنصر فاعل فيه، لذلك لا يمكن لأحد أن ينأى بنفسه أو يعتقد أن الطموحات الفردية أو السعي للسيطرة على جغرافيا معينة يمكن أن تكون بديلاً عن المشروع الوطني الجامع”.
وبيّن الشرع أن “التحديات التي يواجهها الوضع السوري معقدة، وتتطلب قدراً كبيراً من الوعي والمسؤولية لتحقيق الهدف الأهم سوريا موحدة ومستقرة، أما على الصعيد الاقتصادي، فليس هناك مخاوف جوهرية، لكننا نحتاج إلى الوقت لمعالجة المشكلات العالقة.
وأشار الرئيس الشرع إلى أننا اليوم أمام مهمتين أساسيتين في المرحلة المقبلة، حماية البلاد من المخاطر الداخلية والخارجية، والتنمية الاقتصادية، مبيناً أنه في كثير من الأحيان تكون التحديات كبيرة وضاغطة إلى درجة لا يمكن مواجهتها، ولا سيما في المراحل التي تلي انتصار الثورات أو انتهاء النزاعات، حيث تدخل الدول في مرحلة حساسة وخطيرة تُعرف بدوامة ما بعد النزاع والتعطيل، وغالباً ما تحتاج هذه المراحل لسنوات طويلة لتجاوز آثارها، وتتطلب مقومات جديدة وظروفاً داعمة، مع بقاء خشية دائمة من احتمال العودة إلى النزاعات، وقد استطاعت سوريا تجاوز هذه المرحلة.
وأكد أن “عملية البناء تحتاج إلى الوقت، فالاستقرار والنمو الطبيعي للدول عادة ما يكون تدريجياً وتراكمياً، بينما القفزات المفاجئة كثيراً ما تؤدي إلى إشكالات أو تُنتج تصوّرات غير دقيقة، لذلك فإن البناء الصحيح وحده هو ما يرسّخ الأسس المتينة، والدولة اليوم عازمة على وضع منظومة قوانين وأنظمة جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة، بما يتيح تأسيس أركان دولة قوية”، مضيفاً: “نحن لا نسعى لصناعة أمجاد شخصية لأي أحد؛ فقد عشنا مراحل كنا فيها في قلب الخطر، ولم تكن السلطة هي ما يشغلنا، بل كانت الأولوية دائماً لبناء ما يخدم سوريا وواقعها ومستقبلها”.
نبض