أن يعود نادي الحكمة بيروت إلى اللجنة التنفيذية للاتحاد اللبناني لكرة القدم بعد غياب دام زهاء 23 سنة، ممثلاً بالقائد السابق لمنتخب لبنان وفريق الحكمة بيروت المدرب الوطني الكابتن إميل رستم، ففي الأمر قصة وحكاية.

حكاية لاعب حمل مشعل كرة القدم من على مقاعد مدرسة الحكمة مار يوسف في الأشرفية، تحدى كل الصعاب وتجاوز كل المطبات بإصرار وعزيمة على عدم الاستسلام، فتدرجاً من لاعب إلى كابتن للفريق ثم مدرباً ومديراً فنياً حاملاً الرقم 5 في مركز "الليبيرو" مدافعاً عن الحكمة داخل المستطيل الأخضر وخارجه.

اعتزل اللعب لكنه لم يعتزل كرة القدم، فانخرط في سلك التدريب مزوداً بالعلم حاملاً شهادات تدريب مستوى عال من فرنسا والبرازيل.

يستحق إميل رستم أن يتوّج مسيرته الفنية الزاخرة بمنصب إداري في لعبة أعطاها أفضل سنوات عمره. فكانت البداية بقرار ترشيحه من إدارة نادي الحكمة بيروت مدعوماً من رئيس النادي ونائب رئيس بلدية بيروت المحامي راغب حداد والرئيس الفخري للنادي النائب جهاد بقرادوني اللذين وضعا كل جهودهما لتأمين نجاحه وحققا خطوات متقدمة من خلال الاتصالات واللقاءات التي قاما بها على أكثر من صعيد، توّجت بزيارة قاما بها يرافقهما رستم لرئيس الاتحاد المهندس هاشم حيدر في مكتبه. 

في موازاة هذا الواقع الإيجابي، كانت الزيارة التي قام بها المونسنيور كميل مبارك لرئيس مجلس النواب نبيه بري (تلميذ مدرسة الحكمة)، يرافقه الزميل جورج سعد، حاسمة في هذا الاتجاه.

المونسنيور كميل مبارك يرافقه جورج سعد في زيارة لـرئيس مجلس النواب نبيه بري (وكالات)

وفي التفاصيل أن الزميل سعد الذي شغل سابقاً منصب مستشار نقيب المحررين الراحل ملحم كرم، ومستشار راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس مطر، وكان أول مستشار إعلامي لنادي الحكمة في عهد الرئيس الراحل هنري الأسمر، وعُرف بشغفه وحبه للحكمة التي تعلم على مقاعدها ولاحقاً عمل فيها لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن، وبعلاقته الوطيدة والقديمة مع رستم، شعر بأن الأمر بحاجة إلى خطوة حاسمة، خصوصاً أن التجارب السابقة مع إدارات سابقة لم تكن مشجعة لا بل شكلت خيبات في الكثير من المرات. لذلك اختار طريقاً صعباً لكنه قصير.

لم يمر على الاتصال الذي أجراه سعد بمكتب الرئيس بري للحصول على موعد سوى دقائق معدودة، ليتلقى بعدها اتصالاً يدعوه والمونسنيور مبارك للحضور فوراً، وهذا ما حصل.

الزيارة استغرقت 45 دقيقة وكانت "حكماوية" بامتياز ومليئة بالذكريات، وقبل نهايتها قال المونسنيور مبارك للرئيس بري: "ما بدنا ناخد من وقتك كتير، عنا قضية هيي قضيتك، وأنت المحامي الحكماوي صمام أمان للحق وللعدل، هل يجوز انو نادي الحكمة خارج اللجنة الإدارية لاتحاد كرة القدم؟".

على الفور طلب الرئيس بري الاتصال برئيس الاتحاد المهندس هاشم حيدر، فبادره سائلاً: "الحكمة مش باللجنة الإدارية لاتحاد كرة القدم؟"، ثم أردف: "بدي إستاذ إميل رستم لأنو نادي الحكمة المعروف بعراقتو وتاريخو وأمجادو ما بجوز يكون خارج اللجنة الإدارية".

الزميل سعد اختار طريق "السهل الممتنع" لتأكيد ضمان وصول رستم إلى قيادة اللعبة، والأخير شكره باصطحابه معه إلى جلسة الجمعية العمومية تقديراً للخطوة التي قام بها.

اليوم، نادي الحكمة بيروت يعود إلى اللجنة التنفيذية للاتحاد اللبناني لكرة القدم بعد غياب قارب 23 سنة، على أمل أن تكون العودة لمصلحة اللعبة، خصوصاً أن للكابتن رستم خبرة ميدانية واسعة عسى أن يترجمها إدارياً من خلال المنتخبات الوطنية التي هي بحاجة إلى نهضة شاملة وكاملة حتى تستعيد الكرة اللبنانية مكانتها عربياً وآسيوياً.