التضخم السعودي يتباطأ إلى 2.2% في سبتمبر.. ما وراء هذه الأرقام؟
أما أسعار الأغذية والمشروبات فظلت مستقرة عند 1.1%، بينما ارتفعت تكاليف المطاعم وخدمات الإقامة بنسبة 1.5%، فيما سجلت أسعار الأثاث والأجهزة المنزلية تراجعاً بنسبة 0.6%، ما أسهم بتخفيف الضغوط على التضخم الشهري، الذي انخفض بنسبة 0.1% مقارنة بآب.
الإيجارات تقود الضغوط التضخمية
يبقى قطاع الإسكان هو المحرّك الرئيس للتضخم في السعودية، نظراً إلى وزنه الكبير في سلة المستهلك. ورغم تباطؤ وتيرة الإيجارات، لا يزال ارتفاع الأسعار الفعلية مرتفعاً نسبياً، وهو انعكاس للطلب المستمر على السكن، خصوصاً في المدن الكبرى. ويشير هذا التباطؤ إلى استقرار تدريجي في تكلفة المعيشة، مع احتمال استمرار انخفاض الضغوط التضخمية إذا استقر نموّ أسعار المواد الأساسية.

الفائدة الأميركية... المفتاح لتطورات الأسواق المحلية
مع استمرار الإغلاق الحكومي الأميركي، تبقى التوقعات بشأن قرارات الاحتياطي الفيديرالي محل متابعة دقيقة. إذا خفض الفيديرالي أسعار الفائدة رغم الأزمة الحكومية، فإن النتائج قد تكون مزدوجة, أي على المدى القصير، من المتوقع انخفاض تكاليف التمويل وتحفيز الطلب على الاقتراض والإنفاق الاستهلاكي، ما يعزز النشاط الاقتصادي في السعودية.
لكن على المدى المتوسط، قد يؤدي هذا التحفيز إلى زيادة معدلات التضخم المحلي إذا تجاوز الطلب العرض المتاح، ما يجعل الحكومة والبنك المركزي مضطرين للبحث عن أدوات لضبط الأسعار، مثل رفع أسعار الفائدة محلياً أو تشديد القروض، كوسيلة وحيدة لكبح التسارع التضخمي.
في المقابل، سيؤدي رفع الفائدة الأميركية في ظل الإغلاق الحكومي إلى تكلفة تمويل أعلى عالمياً، ما يضغط على السيولة ويقلل من الاقتراض، لكنه قد يساعد في كبح التضخم العالمي، ما ينعكس إيجابياً على استقرار الأسعار في السعودية، بينما قد يخفف الزخم على الأسواق المالية المحلية ويحد من أداء بعض الأسهم المرتبطة بالائتمان.
ما مدى تأثير الفائدة على السوق المالية السعودية؟
ومن المرجح أن يستفيد مؤشر السوق المالية السعودية (تداول) من أي خفض للفائدة الأميركية عبر خفض تكلفة التمويل للشركات ورفع شهيّة المخاطرة بين المستثمرين. التحسّن في السيولة قد يعزز الاستثمار في الأسهم، وخاصة في القطاعين المصرفي والعقاري، بينما سيؤدي أي رفع محتمل للفائدة إلى تقلص سيولة السوق، ما يضغط على أسعار الأسهم ويحدّ من نموّها.
تاسي يواصل الصعود المحدود وسط استقرار الإيجارات وترقب السياسات النقدية العالمية
وسجل مؤشر السوق المالية السعودية (تاسي) ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.24% ليغلق عند 11,623.51 نقطة في جلسة الأربعاء، 15تشرين الأول/ أكتوبر 2025. وتراوح نطاق التداول بين 11,601.13 و11,630.73 نقطة، مع حجم تداول بلغ 61,971,521 سهماً وقيمة إجمالية تجاوزت 1.13 مليار ريال سعودي.
وعلى مدار الـ52 أسبوعاً الماضية، تراوح المؤشر بين 10,366.59 و12,536.28 نقطة، ما يعكس تقلباً نسبيًا في أداء السوق. ومنذ بداية العام، سجل المؤشر انخفاضاً طفيفاً بنسبة 0.73%، بينما سجل انخفاضاً بنسبة 0.33% على مدار العام. تأتي هذه التحركات في وقت تشهد فيه السوق السعودية اهتماماً متزايداً من المستثمرين، وخاصة مع التوقعات بتخفيف القيود على الملكية الأجنبية في الشركات المدرجة، ما قد يعزز تدفقات الاستثمار الأجنبي ويزيد من سيولة السوق.
ومن الجدير بالذكر أن المؤشر شهد في أيلول الماضي قفزة قوية بنسبة 5.06%، مسجلاً أعلى مستوى له منذ أيار/ مايو، مدفوعاً بتقارير تفيد بإمكان تخفيف الحد الأقصى للملكية الأجنبية في الشركات المدرجة، ما يعكس تحسناً في معنويات المستثمرين وتوقعات إيجابية للسوق.
بناءً على هذه المعطيات، يُتوقع أن يستمر مؤشر "تاسي" في التأثر بالتطورات الاقتصادية المحلية والعالمية، بما في ذلك السياسات النقدية وأسعار النفط، ما يستدعي متابعة مستمرة من المستثمرين والمحللين لتقييم الفرص والأخطار المحتملة في السوق السعودية.
نظرة مستقبلية للربع الأخير من هذا العام!
بما أن التوقعات تشير إلى أن معدل التضخم السنوي في السعودية سيستقر بين 2% و2.5% حتى نهاية العام، مدعوماً بتباطؤ ارتفاع الإيجارات واستقرار أسعار الغذاء والطاقة، ستظل الأسواق المالية متأثرة بالسياسة النقدية الأميركية، أي خفض للفائدة سيدعم النشاط الاقتصادي والأسهم، بينما أي رفع سيحد من النموّ السوقي لكنه قد يحافظ على استقرار الأسعار.
بذلك، يظل التوازن بين تحفيز النموّ والسيطرة على التضخم محور السياسة الاقتصادية السعودية، وسط بيئة عالمية متقلبة تتطلب المرونة في اتخاذ القرار.
نبض