لسنوات، كان سوق الجمال في الخليج مرادفاً للفخامة والمنتجات باهظة الثمن، حيث كان المستهلك يبحث عن الأسماء العالمية واللمسة الراقية. لكن المشهد يتغير بسرعة. اليوم، يفرض مفهوم "الجمال النظيف" نفسه بقوة، حيث تبحث النساء والرجال على حد سواء عن منتجات آمنة، نباتية، خالية من المواد الضارة، ومستدامة، لتصبح هذه المعايير الجديدة جزءاً من قرارات الشراء اليومية.

يشهد سوق الجمال في الخليج تحولاً هادئاً لكنه جذري. فبينما كان يُعتبر سابقاً مجرد تخصص محدود، أصبح مفهوم "الجمال النظيف" – أي المنتجات الخالية من المواد السامة، والتي لا تُجرّب على الحيوانات وغالباً نباتية – يقود النمو في قطاع العناية الشخصية في المنطقة، الذي تبلغ قيمته 2.6 ملياري دولار.

وقالت ألفيا جوهار، شريكة في شركة فخري الهندي لتوزيع منتجات التجميل في الإمارات: "لم يعد مجرد مصطلح رائج، بل أصبح يؤثر بشكل مباشر على قرارات الشراء".

ومن متاجر التجزئة الفاخرة في مولات دبي إلى الشركات الناشئة في الرياض والدوحة، بدأت العلامات التجارية في الخليج بإعادة النظر في استراتيجياتها، وإعادة صياغة منتجاتها، وتصميم عبوات جديدة، وإعادة صياغة رسائلها لتلبية الطلب المتزايد على الشفافية والمكونات النظيفة والممارسات المستدامة.

وأضافت جوهار: "المستهلكون هنا أصبحوا أكثر وعياً مما كانوا عليه قبل خمس سنوات. يقرأون قوائم المكونات، ويسألون عما هو غير موجود في المنتج، ويميلون نحو التركيبات الآمنة والنظيفة".

السوق النباتي على وشك الضعف
من المتوقع أن يقفز حجم سوق مستحضرات التجميل النباتية في دول مجلس التعاون الخليجي ليقارب الضعف، من أقل من 350 مليون دولار في 2024 إلى نحو 700 مليون دولار بحلول 2033، وفقاً لاستشارات مجموعة IMARC.

ويظهر جزء كبير من هذا النمو بالفعل على أرفف المتاجر، حيث يطلب كل من الوافدين والمواطنين بدائل نظيفة وصديقة للبيئة، رغم اختلاف دوافعهم.

وقالت جوهار: "غالباً ما يأتي الوافدون، خصوصاً الأوروبيون والآسيويون، وهم يبحثون بالفعل عن علامات تجارية نباتية وخالية من التجارب على الحيوانات يعرفونها من بلادهم".

وأضافت: "المواطنون المحليون يتبنون هذه الاتجاهات أيضاً، لكن مع تركيز أكبر على المنتجات الآمنة، النباتية، والفعالة لمشاكل البشرة في الخليج مثل الجفاف والتعرض للشمس".

وأظهرت دراسة أجرتها شركة التجزئة الفاخرة شلهوب أن 35% من مستهلكي مستحضرات التجميل في الخليج يحرصون الآن على أن تكون المكونات غير سامة، وصديقة للبيئة وخالية من المواد الكيميائية القاسية عند اتخاذ قرار الشراء.

وقال كينيث هولمان، مؤسس شركة MÄNN للعناية بالبشرة في الإمارات: "الصحة والأداء هما المحركان الرئيسيان. أصبح المستهلكون أكثر دراية بالمكونات، ويبحثون عن منتجات ثبت أنها آمنة وفعالة وخالية من الإضافات غير الضرورية. كما أن الاستدامة والمصادر الأخلاقية تكتسب زخماً، فالمشترون أصبحوا يقدرون الشفافية والهدف أكثر فأكثر".

النمو مع عامل المكانة
ولا يقتصر نمو هذا القطاع على الجانب الجمالي فقط، بل يمتد إلى الجانب المالي أيضاً. وفقاً لتقرير 2024 من Beautyworld، تنفق النساء في الخليج متوسط 63 دولاراً شهرياً على المكياج و52 دولاراً على العناية بالبشرة، بينما ينفق الرجال 16 دولاراً شهرياً.

ومن المتوقع أن يولّد سوق مستحضرات التجميل والعناية الشخصية في دول مجلس التعاون الخليجي 9.61 مليار اتدولار هذا العام، مع معدل نمو سنوي متوقع يبلغ 3.26% حتى عام 2030، وفقاً لتوقعات Statista.

كما يحمل مفهوم "الجمال النظيف" عنصر المكانة الاجتماعية في الخليج، وفقاً لما ذكره نيما بورين، الرئيس التنفيذي لشركة UKLASH المنتجة لمستحضرات التجميل.

وقال: "لا يمكن إنكار الدوافع المرتبطة بالمكانة في هذا السوق. فالمستهلك في الخليج متطور ويعتبر المنتجات الجمالية التي تركز على الصحة الشاملة والفوائد الكلية علامة على الجودة الفاخرة والابتكار"