لبنان: اقتصاد بلا عملة… ولا بوصلـة

اقتصاد وأعمال 10-08-2025 | 06:25

لبنان: اقتصاد بلا عملة… ولا بوصلـة

يوم ثُبّت سعر الصرف على 1,507.5 ليرة في مقابل الدولار، خسر البلد أداة امتصاص الصدمات الرئيسية: سعر الصرف. ومنذ ذلك الحين، تحولت السياسة النقدية إلى مهمة وحيدة, الدفاع عن الربط بأي ثمن حتى لو جاء ذلك على حساب الاقتصاد الحقيقي.
لبنان: اقتصاد بلا عملة… ولا بوصلـة
صورة تعبيرية (وكالات)
Smaller Bigger

 يعرف لبنان أسوأ نسخة ممكنة من الدولرة: كل الأعباء ولا أي فائدة. لا استقرار أسعار، لا حماية للمودعين، ولا سياسة نقدية واضحة. فمن المستفيد من هذه الفوضى؟ ولماذا أصبح إصلاح الإطار النقدي خطوة مؤجلة إلى ما لا نهاية؟

منذ 1997، لا يملك لبنان عملة مرنة بالمعنى الفعلي. يوم ثُبّت سعر الصرف على 1,507.5 ليرة في مقابل الدولار، خسر البلد أداة امتصاص الصدمات الرئيسية: سعر الصرف. ومنذ ذلك الحين، تحولت السياسة النقدية إلى مهمة وحيدة, الدفاع عن الربط بأي ثمن حتى لو جاء ذلك على حساب الاقتصاد الحقيقي.
اليوم، نحن لا نناقش “هل نتخلى عن المرونة في مقابل الدولرة؟” هذه المرونة تلاشت منذ عقود. ما نناقشه فعلًا هو: هل نستبدل مرساة مكسورة، أم نستمر في الانجراف في منطقة رمادية باهظة التكلفة؟

 

كيف وصلنا إلى هنا؟
مدى عقود، كان تثبيت الليرة يعني أن أي أزمة سياسية، أو تراجع في التحويلات، أو صدمة في أسعار النفط، كانت تضرب الاقتصاد مباشرة. لم يكن بإمكاننا خفض العملة لتحفيز الصادرات أو حماية النمو.
وبدلاً من امتصاص الصدمات، كانت السياسات تأتي بعكس الدورة الاقتصادية: رفع الفوائد لجذب ودائع جديدة في عز التباطؤ، أو زيادة الإنفاق في أوقات الرواج بدل بناء احتياطيات.
النتيجة؟ بلد يتصرف كأنه مُدولَراً بالكامل من دون إطار مؤسسي يحميه.

 

صورة تعبيرية (وكالات)
صورة تعبيرية (وكالات)

 

المنطقة الرمادية اليوم
على الورق، لدينا ليرة. في الحياة اليومية، الدولار هو العملة الحقيقية: في التسعير، والادخار، وحتى في الضرائب والرسوم.
لكن هذه ليست دولرة رسمية. هي خليط من أسعار صرف متعددة، ودائع مجمّدة في المصارف، ونظام دفع مشوّه، وثقة شبه معدومة.

 

نحن نعيش كل سلبيات الدولرة، من دون أي من مزاياها - لا استقرار أسعار مضموناً، ولا إطار قانونياً يحمي المودعين، ولا سياسة نقدية واضحة.


هذه الهدنة الهشّة ليست محايدة. فالدولرة غير الرسمية تمنح أفضلية واضحة لمن يملك الوصول الحر إلى الدولار - من التجار والمستوردين الكبار، إلى المضاربين وأصحاب الرساميل، مروراً بالصرافين وشبكات النفوذ السياسي المرتبطة بالمصالح المالية. هؤلاء يربحون من فوارق الأسعار ومن غياب إطار موحد، بينما تتحمل الغالبية ثمن الفوضى بمدخرات مقيدة وقدرة شرائية متآكلة. ولهذا، قد يفضّل بعض هؤلاء المستفيدين بقاء لبنان تحت ضغط القيود والعزلة الدولية بدل السير نحو إصلاحات حقيقية قد تهدد مكاسبهم.

*محللة للأسواق في مجموعة IG

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.
اقتصاد وأعمال 12/11/2025 10:44:00 AM
تكمن أهمية هذا المشروع في أنه يحاول الموازنة بين 3 عوامل متناقضة: حاجات المودعين لاستعادة ودائعهم بالدولار الحقيقي، قدرة الدولة والمصارف على التمويل، وضبط الفجوة المالية الهائلة التي تستنزف الاقتصاد