هل قمت اليوم بقطف الأموال من شجرة بيتك أم ستفعل ذلك لاحقاً؟ الأمر ليس بهذه البساطة فعلاً، ولكن ربما ليس بالصعوبة التي نتصورها أيضاً. لنكتشف ذلك معاً.

في حديث خاص لـ "النهار"، تصف مروة ترغياني، مديرة أعمال في شركة لحماية الأصول في الولايات المتحدة الأميركية، تحقيق الحرية المالية بـ "الرحلة" لما تنطوي عليه من مطبات قبل الوصول إلى نقطة النهاية المرجوة ومن مشاعر خوف طبيعية في أي اغتنام للفرص وخطوة نحو النمو. لا تنفي التعقيد الذي يكمن في هذا الأمر، ولكنها كبداية تشدد على ضرورة انتقاء السوق الذي ترغب في الاستثمار فيه، وألا تستبعد احتمال أن تضطر إلى أن تستكشف وتخوض غمار مجالات أخرى غير مجال عملك. وللبيئة المحيطة بك أهمية كبرى، لذا ضروري أن تحيط نفسك بنماذج من الأشخاص الذين حققوا أهدافا مماثلة وتتعلم من تجاربهم وقصصهم الملهمة.

ومن المفيد أن يتمثل هدفك الأول في ادخار ما يعادل نفقات المعيشة لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر تقريبا- وهو المبلغ الذي يوصي الخبراء عادةً بادخاره لصندوق الطوارئ.

سواء كان ذلك من خلال الاستثمار في العقارات، أو إطلاق مشروع تجاري صغير، أو اتباع مسار مهني يتماشى مع شغفك، فإن تنويع الدخل يعد خطوة أساسية نحو الاستقلال المالي. كثير من الناس تركوا وظائف تقليدية - حتى تلك التي تُعد مرموقة مثل الطب - لأنها لم تعد تلبي طموحاتهم أو تمنحهم الشعور بالإنجاز، واختاروا بدلاً من ذلك طرقاً تقودهم إلى الحرية والازدهار.

من بين الاستراتيجيات الفعالة لبناء الثروة، تبرز العقارات كأداة قوية قادرة على توليد دخل مستقر وبناء ثروة طويلة الأمد.

تُعدد ترغياني لـ "النهار"  ثلاث خطوات رئيسية نحو الاستقلال المالي لأصحاب الدخل المحدود:

1 - زيادة الدخل عبر تطوير المهارات والتعليم
ابدأ بالاستثمار في نفسك. تعلم مهارات جديدة، أو احصل على شهادات مهنية يمكن أن تفتح لك أبوابا لفرص عمل أفضل وأكثر دخلًا. يمكن أن يشمل ذلك التعليم الجامعي، أو الدورات التدريبية عبر الإنترنت، أو التدريب المهني في مجالات مطلوبة. فرفع مستوى مهاراتك هو أحد أهم العوامل التي تؤثر على قدرتك على تحقيق دخل أعلى وبناء الثروة على المدى الطويل.

2 - إدارة الميزانية والادّخار بانتظام
أنشئ ميزانية شهرية تتيح لك تتبّع دخلك ومصاريفك، وحدد المجالات التي يمكنك تقليل الإنفاق فيها. اجعل الادخار عادة منتظمة، حتى وإن كانت المبالغ صغيرة، فهي تتراكم بمرور الوقت وتحدث فرقاً. ويُعد إنشاء صندوق للطوارئ أمراً ضرورياً، حيث يساعدك على تجنّب اللجوء إلى الديون عند مواجهة نفقات غير متوقعة.

3 - الاستثمار المبكر والذكي
ما إن تبدأ بتكوين بعض المدخرات، فكّر في استثمارها بحكمة. ابدأ بخيارات بسيطة ومنخفضة التكلفة مثل صناديق المؤشرات أو حسابات التقاعد، التي تتيح لك الاستفادة من قوة الفائدة المركبة مع مرور الوقت. وكلما بدأت مبكراً، زادت فرصك في بناء ثروة مستدامة. ولا تنسَ أن تثقيف نفسك في مجال التمويل الشخصي والاستثمار يُعد أداة قوية للنمو المالي على المدى البعيد.

تعبيرية (انترنت)

كم يجب أن تدّخر من راتبك؟
القاعدة الأساسية هي ادّخار 20% من كل راتب. ويعود هذا إلى قاعدة شائعة في وضع الميزانية يشار إليها باسم استراتيجية 50-30-20، والتي تعني أن تخصص 50% من راتبك للأشياء التي تحتاجها، و30% للأشياء التي تريدها و20% للمدخرات والاستثمارات.

يقول شون أندرسون، وهو مخطط مالي معتمد في شركة أندرسون للاستراتيجيات المالية، إن هذا المعيار لا ينطبق على الجميع. ويقترح طريقة أخرى تتضمن قسمة 80-20، حيث يتم تخصيص 20% من راتبك لمدخراتك والـ 80% المتبقية للإنفاق المتعلق باحتياجاتك ورغباتك. والفكرة هي أن تظل نسبة الـ 20% ثابتة في أي من الطريقتين. بغض النظر عن القاعدة التي تختار اتباعها، تأكد من إيجاد توازن مرن بين الادخار والإنفاق. يقول أندرسون: "لنقطة المهمة في كلتا الطريقتين هي أن الادخار بنسبة 20% لا يزال أولوية".

ومن المفيد أن يتمثل هدفك الأول في ادخار ما يعادل نفقات المعيشة لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر تقريباً- وهو المبلغ الذي يوصي الخبراء عادةً بادخاره لصندوق الطوارئ.

أخطاء شائعة 
تختم ترغياني: "عند بدء رحلتك نحو الاستقلال المالي، يوجد أخطاء شائعة قد تُعرض تقدمك للخطر، من أبرزها التسرع دون إجراء بحث كاف مما قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات مالية متهورة، أو الوقوع ضحية للاحتيال، أو سوء تقدير للمخاطر المحتملة. ومن الأخطاء الأخرى، إهمال التخطيط المالي السليم. عدم تحديد أهداف واضحة، أو إغفال إعداد ميزانية، أو تجاهل أهمية وجود صندوق للطوارئ يمكن أن يعيقك عن تحقيق التقدم المطلوب ويجعلك أكثر عرضة للانتكاسات. كذلك، الاستهانة بأهمية الصبر والانضباط تُعد من العقبات الكبرى. كثير من المبتدئين ينجرفون وراء العواطف، فيتخذون قرارات سريعة دون استراتيجية، مما يؤدي إلى نتائج سلبية على المدى الطويل".

خرج إلينا أحد السياسيين يوما ليقول: "إذا قال المواطن "أموالي في المصارف" سنقول له "معك حق بس بدنا نتحمل بعضنا". لست من الذين يُمجّدون الفقر، بخلاف ما تحب الطبقة السياسية في لبنان الترويج له، وهي التي تعيش في رفاهٍ ونعيم، بينما تدعو الناس لتحمّل الجحيم الذي صنعته بخطبها ونزاعاتها، سواء كانت في صفّ الموالاة أو المعارضة. صحيح أن المال لا يشتري السعادة لكن غيابه قد يكون سبباً في فقدانها، خاصة حين يكون العقبة الوحيدة بين مريض وشفائه.